موسى متروف
كان لافتا أن يرتدي مصطفى الباكوري جلبابا أبيض، خلال جلسة العمل، التي ترأسها الملك محمد السادس، والتي خُصصت لبحث وضعية تقدّم تنفيذ الوكالة المغربية للطاقات المستدامة (مازن) لبرامج تنمية الطاقات المتجددة بالمملكة وأيضا لتقييم مختلف مراحل إنجازها.
الجلسة كانت يوم الجمعة الماضي (26 يناير 2018) بالقصر الملكي بالدار البيضاء؛ أي مباشرة بعد أداء أمير المؤمنين لصلاة الجمعة بمسجد "ولد الحمراء" بالمدينة العتيقة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، ومن هنا نفهم لماذا ارتدى رئيس مجلس إدارة الوكالة المغربية للطاقات المستدامة الباكوري الجلباب، مثل الملك ومستشاره فؤاد عالي الهمة، فيما كان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني والمستشار الملكي ياسر الزناكي ووزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد ووزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة عزيز رباح والمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أمينة بنخضرا والمدير العام بالوكالة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب عبد الرحيم الحافظي يرتدون ملابس عصرية.
فقد فعل الباكوري ذلك لأنه ببساطة حضر صلاة الجمعة مع الملك في ذلك اليوم بصفته رئيس جهة الدار البيضاء سطات (عن حزب الأصالة والمعاصرة).
رُب قائل يقول: وما علاقة الجلباب ورئيس الوكالة المغربية للطاقات المستدامة، وكل هذه "الخالوطة"؟!
طفت العلاقة في رأسي عندما علمت أنه بسبب "الطلاق البائن" بين شركة الاستثمار الطاقي والوكالة المغربية للطاقات المستدامة، التي كان اسمها الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، قبل توسيع مجال تخصصها (لكنها ظلت دائما تحمل اسمها المختصر "مازن")، تم إلغاء طلب العروض حول مشروع "المساجد الخضراء"، والذي كان يهمّ إعادة التأهيل الطاقي 240 مسجدا في سلا وتمارة والقنيطرة، فضلا عن 90 مسجدا في العاصمة الرباط وحدها، لكي تتحول إلى صديقة للبيئة. ولذلك تمنيت لو ظل يرتدي ذلك الجلباب الأبيض، بالمعنى الرمزي، لينكب على هذا المشروع الصديق للبيئة، ما دام قد ورث تدبير "الطاقة المستدامة".
وكان مشروع "المساجد الخضراء" قد تم إطلاقه قبل شهرين من انعقاد مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ "COP22" في مراكش، التي انعقدت في شهر نونبر 2016، بعد أكثر من عامين من توقيع اتفاقية حوله في أبريل 2014 بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في شخص الوزير أحمد التوفيق، ووزارة الطاقة والمعادن وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، في شخص عبد القادر عمارة الذي كانت يحمل هذه الحقيبة في عهد عبد الإله بنكيران.
والهدف المعلن كان هو خفض الاستهلاك الطاقة في 15 ألف مسجد، بنسبة تصل الى 40%، في إطار استراتيجية وطنية لخفض استهلاك المرافق العمومية بنحو 30%.
وطبعا تكفلت شركة الاستثمار الطاقي، بهذا المشروع، بعد إعدادها دراسة مثيرة، أعلنت أن معدل الاستهلاك اليومي لكل مسجد في البلاد يبلغ 90 كليواط، كما أظهرت الدراسات الأولى أن هناك إمكانية لخفض هذا الاستهلاك بنحو 60%! وطبعا نفهم لماذا يتم استهلاك هذا الكم من الطاقة، ففضلا عن الإنارة، هناك مساجد تستعمل الطاقة للحصول على الماء الساخن للوضوء وأحيانا تكييف الهواء الداخلي لقاعات الصلاة.
وبالملموس، ومن باب التجريب، تم إخضاع مسجد السنة الشهير بالعاصمة للدراسة وتبين أن خفض استهلاك هذا المسجد ممكن في حدود طموحة تصل إلى 68%!
وكانت شركة الاستثمار الطاقي قد وعدت باستبدال المصابيح القديمة الأكثر استهلاكا للطاقة الكهربائية بمصابيح جديدة أقل استهلاكا، وبتجهيز الأسطح بألواح شمسية، دون أن يؤثر ذلك جمالية الهندسة المعمارية للمساجد التاريخية، من قبيل مسجد السنة المذكور.
وحتى من الجانب الاقتصادي والاجتماعي، أكدت الشركة أن المشروع برمته يسمح بخلق 900 مقاولة صغيرة، يمكنها تشغيل أكثر من 5000 شخص، فضلا عن كون المشروع سيسترجع ما صرف عليه من الأموال التي سيوفرها بعد التغييرات المنتظرة، التي كانت ستستفيد من الخبرة الألمانية من الناحية التقنية، عبر الوكالة الألمانية الدولية للتعاون من أجل التنمية.
ما العمل الآن وقد خرجت شركة الاستثمار الطاقي من رأسمال "مازن"، فيما آل نصيبها المتمثل في 25 في المائة إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب؟
في انتظار أن يتحرك الوزير رباح من أجل تدبير "الطلاق" بين المؤسستين والذي لم يحسم فيه خلال مجلس الإدارة وتم تأجيله إلى الصيف المقبل، على الباكوري أن ينظر في ملف المساجد "الخضراء"، سواء كان مرتديا جلبابا أبيض أو أخضر أو بلباس عصري...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00