موسى متروف
كان مثيرا في نهاية الأسبوع المنصرم أن يجلس رفاق محمد نبيل بنعبد الله (بدونه) أرضا، و"اللي تْلف يشدّ الأرض"، حتى وإن اقتعدوا كراسي وثيرة، ليتذكروا ثورة أكتوبر (1917) في يناير (2018)، في "عيدها" المائة بمؤسسة علي يعتة.
من حق شيوعيي المغرب أن يتذكروا الرفاق "لينين" (فلاديمير ألييتش أوليانوف) وليون تروتسكي، وجوزيف فيساريونوفيتش ستالين... الذين استطاعوا أن يحوّلوا بعض "أحلام" كارل ماركس، ممزوجة بأحلامهم الخاصة جدا، إلى وقائع على الأرض، ونشأ الاتحاد السوفياتي، لينهار قبل أن تحتفل الثورة البولشيفية بذكراها المائة، ولكن الحلم باقٍ في قلوب "بلاشفة" المغرب!
من حق الرفيقين خالد الناصري وبنعبد الله أن يترأسا، كلٌّ على حدة، ذات زمن وهما وزيران، الوفد الرسمي إلى الحج، وإن كنت أتذكر أنني سألت الأمين العام الحالي إن كان هناك تناقض بين هذا و"شيوعيته"، وأجابني في استجواب منشور، بأنهم كانوا يؤمنون دائما بما سمّاه بـ"الإسلام التقدمي"!
في المقابل، أتساءل عن هذا الذي فعله الرفاق، عندما مدّ عبد الإله بنكيران، الأمين العام وقتئذ لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، يده إلى بنعبد الله مباشرة بعد "الربيع العربي" المفترى عليه، فالتقطها، هو ومن معه، كمن يتمسك بقشة تنقذه من الغرق، وإن كان هذا الغرق صورة ذهنية فقط لا علاقة لها بـ"الواقع الملموس"، والذي يتطلب "التحليل الملموس"... وربما كان مبرر "الإسلام التقدمي" صالحا، في هذا السياق، لتبرير ما تم فعله، وإن كان إسلاميو المؤسسات يقولون إن حزبهم مدنيٌّ وهم لا يحتكرون الإسلام، وهلم جرّا!
إذا كان "الإسلام التقدمي"، والذي يذكّرني بمفهوم غامض، لا محل له في الإعراب لدى من يفهمون في الاقتصاد السياسي، "نحته" علال الفاسي، والتقطه منه عبد الكريم الخطيب، وهو "الاشتراكية الإسلامية"، قد يفسّر، بغير قليل من "الطنز"، ترؤس وفد الحجيج المغاربة والتحالف مع "إخوان" بنكيران وسعد الدين العثماني، فكيف يتساوق مع أحلام الثورة البولشيفية؟!
إنني أنحني بكل الاحترام الواجب لإسماعيل العلوي ولعبد الله ساعف ولأحمد حرزني، المشاركين في الندوة، الذين وصفهم الناصري بكونهم "مناضلين تقدميين كبار"، منهم من ينتمي إلى حزب "الكتاب" ومنهم من يجمعهم مع حزبه "البناء الحثيث لمجتمع العدالة الاجتماعية"؛ أي أنهم يساريون، كأن مجتمع العدالة والاجتماعية لا يتأسس إلا في المدينة الاشتراكية الفاضلة... لكنني لا أجد محلا لـ"الإسلام التقدمي" للإعراب في الندوة، وحسنا فعلوا، لأن أصحاب الثورة البولشيفية لم يكونوا يميّزون بين الأديان، بين تقدمية ورجعية، لكونها، في اعتقادهم، كلها أفيون للشعوب! لكن المثير للاستغراب هو تبرير الناصري، الأستاذ الدستوري، الذي خبر العلوم السياسية دراسة وتدريسا وممارسة، لفشل البولشيفية الذي ردّه إلى "مجموعة من الضربات الموجهة إليها"!
ليسمح لي الأستاذ الناصري، لكي أطلب منه أن يستعمل "الإسلام التقدمي" مرة أخرى، وتجاوزا في هذا السياق، مهما بدا متنافرا معه، ولكن فقط ليقيم "صلاة الغائب" على ثورة قضى عليها أصحابها، بتآمر بعضهم على بعض، وبفظاعات آلتهم الجهنمية و"گولاگهم" غير المأسوف على انقراضه...
في الندوة تمنى إسماعيل العلوي انبعاث حركة مثل حركة 20 فبراير، لأنه وجد حاجة إليها في المغرب، كما وجد الحاجة ماسّة إلى إنشاء كتلة تاريخية، ربما يعتبر أن تحالف حزبه مع "البيجيدي" سيكون أسّها، لكن يبدو الرجل حالما وهو في أرذل العمر!
قد يتكرر مشهد خروج الشباب للاحتجاج، كما وقع في فبراير 2011، والاحتجاجات مستمرة لا تتوقف، لكن التاريخ لا يعيد نفسه، وزمن البولشيفية مضى إلى حال سبيله، كما مضى زمن "الكتلة الديمقراطية" وزمن التناوب وزمن "الربيع العربي" وزمن 20 فبراير وزمن بنكيران... وربما زمن بنعبد الله أيضا!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00