موسى متروف
لم يعد أحد في هذا البلد الأمين قادرا على تجاهل "شعب" موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بعدما بلغ تعدادهم حوالي 15 مليون نسمة؛ أي حوالي نصف ساكنة المملكة الشريفة الذين أحصاهم عددا المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي فوجد أنهم يقلون قليلا عن 34 مليون مغربية ومغربي.
ألم تر كيف فعل ربك بزوج "الحب الممنوع"، الحبيب الشوباني وسمية بنخلدون، اللذين أسقطهما الفضاء الأزرق من حكومة عبد الإله بنكيران؟ وكيف أسقط حبيب الشوكولاته عبد العظيم الگروج؟ وكيف ضاق رئيس الحكومة السابق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حينها، حتى بكتائبه الفيسبوكية وسمّى "جنودها" بـ"الصگوعا والمداويخ"؟
لقد صارت "بدعة" مارك زوكربرگ بالنسبة إلى الحكومتين، السابقة واللاحقة، "شرّا لا بد منه"، فلطالما رد أعضاؤهما على "ضلالاتها" و"أخبارها الزائفة" بالنفي، وبـ"جنس العمل"، على صفحاتهم الزرقاء، وأحيانا عبر البلاغات الرسمية، لذلك لا يمكن تجاهل "المزاج العام" على الشبكات الاجتماعية عموما، حتى وإن اكتست في غالبها طابعا غير جدي، أو "ضيحوكي"، "ولكنه ضحك كالبكا"، على حد تعبير أبي الطيب المتنبي!
لقد رأينا كيف دشّن الفيسبوكيون تهكمهم على الوزراء الجدد، الذين رُمّمت بهم حكومة سعد الدين العثماني، بسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المصطبغ بألوان الحركة الشعبية.
أمزازي القادم من رئاسة جامعة محمد الخامس العريقة لم يكن يحسب أن ركوعه المبالغ فيه أمام ملك البلاد محمد السادس، يوم الاثنين الماضي، في لحظة تعيينه وأدائه القسم بالقصر الملكي بالدار البيضاء، إلى جانب أعضاء الحكومة الأربعة الباقين، سيكون موضوع تهكّم، مبالَغٌ فيه أيضا، من رواد "الفيسبوك"، الذين أشعلوه، في نوع من التطبيق المقلوب لما قاله المتنبي "على قدر أهل العزم تأتي العزائم"!
صحيحٌ أن للقصر بروتوكوله، لكن الرجل انحنى أكثر من مرافقه المكلَّف بالبروتوكول، في زاوية حادّة؛ أي أقل من زاوية قائمة، في الوقت الذي كانت تكفيه انحناءةٌ خفيفة للملك، تفي بغرض التعبير عن الاحترام الواجب له، كما فعل، إلى حدّ ما، كلٌّ من عبد الأحد الفاسي الفهري، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وأنس الدكالي، وزير الصحة، عن حزب التقدم والاشتراكية، ومحسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، المكلف بالتعاون الإفريقي، وحتى محمد الغراس، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتكوين المهني، المحسوب على حركة امحند العنصر!
الواقع أن الرجل أبان عن كونه "رياضيا" حقيقيا، بجسدٍ مرن، وليس "مشكرفا" بالمرّة، لكنه يذكّر بما قاله يوما القيادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الهادي خيرات، عن الذين يفعلون ما فعل أمزازي، بأنهم لا يتوفرون على عمود فقري، وبأنهم "كيتّكفاو" دون أن يطلب منهم ذلك أحدٌ!
ولكن "دْويو علينا وجيو علينا"، كما يقول المغاربة. ليس بالضرورة أن يكون أمزازي قد فعل ما فعله تملّقاً للملك، فقد يكون ذلك تعبيرا عن حب أصيل لديه لعاهل البلاد، وربما وقع تحت تأثير "تمخزانيت" التي "زرعها" فيه العامل محيي الدين أمزازي أو غيره... أو قد تكون ببساطة تلك الدهشة بتأثير هيبة الملك في حضرته وبين يديه، وقبل ذلك، بفعل الجو الذي "يصنعه" المكلَّفون بالبروتوكول، خلال إعداد الاستقبالات الملكية الرسمية، وخصوصا في لحظات التعيين الأولى، هي التي أربكته وجعلته ينحني حتى يقترب من البساط الذي كان يمشي عليه ثم يمسك بيد الملك ليقلّبها تقبيلا... ولله في خلقه شؤون، رغم أن الملك محمد السادس أبان، في كل مرة، لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ، أنه لا يحب أن تُقبّل يده ويحاول إبعادها ما أمكن عن الذين يريدون انتزاعها انتزاعا ليهووا عليها لثما!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00