موسى متروف
"أفقٌ جديدٌ" رسمه الحزب الاشتراكي الموحّد في مؤتمره الرابع لنهاية الأسبوع الأخير، بعد أن نال "تيّار" الأمينة العامة المنتهية ولايتها، نبيلة منيب، الأغلبية الساحقة، في انتظار أن يتكرس ذلك في الدورة الأولى للمجلس الوطني الجديد الذي سيختار الأمين العام (أو بالأحرى الأمينة العامة) وأعضاء المكتب السياسي.
والواقع أن "الأفق الجديد"، الذي حصل على 80 في المائة من الأصوات، لم يكن ليحقق ما حققه، بعد "مطارحته" للتيّارَين الآخرين، لولا دعمه من طرف محمد الساسي والبرلمانيين عمر بلافريج ومصطفى الشناوي. وبالطبع كانت نتائج التيارين الآخرين، وهما تيار "اليسار المواطن والمناصفة" الذي قدم أرضيته أحمد الخمسي، وتيار "التغيير الديمقراطي" الذي قدم أرضيته حميد مجدي، متناسبة مع حجمهما، حيث حصل الأول على 16 في المائة، ولم يتجاوز الثاني 4 في المائة.
ولـ"الرفاق" أن يفتخروا بأن مؤتمرهم مرّ "في مناخ رفاقي يكرّس حرية الاختلاف"، ولهم أن يفخروا بكونهم يقدمون "مقاربة النوع" على أي اعتبار آخر، فالأمينة العامة ماضية في خلافة نفسها، رغم تراكم أخطائها وزلاّتها، وأيضا بعد فشلها في الامتحان الانتخابي الشعبي الحقيقي؛ سواء في الانتخابات الجماعية، أو في الانتخابات التشريعية، التي لم تنل فيها مقعدا، رغم "منشطات" وضعها على رأس اللائحة الوطنية لفيدرالية اليسار الديمقراطي!
فمنيب "مولاة الكاسكيطة" التي كانت تحمل "علامة نيويورك" في وقفة تضامنية مع فلسطين، والمتحدثة، في آخر خرجاتها الإعلامية بالمؤتمر الرابع لحزبها، عن "ديمقراطية الصورة"، في إشارة إلى "الديمقراطية الصورية"، افتقدت الشخصية القيادية والزعامية لكن تيار الساسي وبلافريج والشناوي وغيرهم جرفها إلى شط الأمان مرة أخرى، وبالتالي فرحيلها مؤجّل إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، وسنرى هل "ستنزل" إلى اختبار الصناديق الشعبية مرة أخرى، وهو الامتحان الذي يُعزّ فيه المرء (والمرأة) أو يُهان!
أما الآن، فلم تكن الإهانة إلا من نصيب "الرفيق" محمد نبيل بن عبد الله، في افتتاح مؤتمر حزب "الشمعة"، التي حرقته ولم تنل إلا قليلا من الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي والقوات الشعبية محمد اليازغي والأمين العام الجديد لحزب الاستقلال نزار بركة...
وإذا كان "رفاق" الـPSU حسموا حيرتهم، وفتحوا "أفقهم الجديد"/القديم، فإن رفاق "الكتاب" مازالوا حائرين، لا يعرفون ما يقدمون وما يؤخرون.
وإذا كانت شعارات المناداة بالرحيل في حزب نبيلة منيب قد أزعجت نبيل بنعبد الله، فلم يكن لو من سلوى إلا ما عبّر عنه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (الجديد) ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بمناسبة انعقاد "برلمان" حزبه في نهاية الأسبوع ذاتها، في أول دورة بعد المؤتمر الأخير، من كونه متشبث بحزب التقدم والاشتراكية في الأغلبية الحكومية.
وكما أشرت إلى ذلك، في مقال سابق، فالحسم الحقيقي، والله أعلم، يبقى في يد بنعبد الله نفسه، وربما لو عجّل برحيله أو أعلن عنه على الأقل، حتى قبل المؤتمر في ماي المقبل، لفكّ العقدة من المنشار!
أما حزب التقدم والاشتراكية ككل، فيبدو أنه مرتاح أكثر لـ"إخوان" العثماني منه لـ"رفاق" نبيلة، الذين يعتبرون الحكومة الحالية مجرد "حكومة تصريف أعمال" وما زالوا يحلمون بـ"الثورة"، ولقد كانت لحظة فارقة عندما علق علي قبلاوي، نائب سفير فلسطين، في افتتاح مؤتمر "الشمعة" على تلك الشعارات الثورية (عندما ذكّر بمواقف الملك محمد السادس في علاقة بفلسطين والقدس) مخاطبا إياهم "اسمحوا لي أن أقول لكم إن الثورات العربية المزعومة هي السبب في ما وصلنا إليه اليوم في فلسطين".
ربما بالغ الرجل، لكن "الخريف العربي" لم يجلب، في الواقع وعموما، على العالم العربي غير الوبال حتى الساعة، في الوقت الذي كان الجميع ينتظر "أفقا جديدا"، ليس بالمعنى الوارد في أرضية نبيلة ورفاقها، ولكن بتغيير حقيقي ملموس. هنا أستحضر ما قاله الساسي خلال مؤتمر حزبه بأنه "لا تكفي المصداقية، ولكن لا بد من النجاعة والفعالية"، وهي معادلة صعبة جدا لم تجد أرضية "الأفق الجديد" لها حلّا...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00