موسى متروف
لا يملك المرء، وأصل الكلمة من المروءة، إلا أن ينسج على منوال القرآن الكريم، لحمة وسدى، وينصح رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، ويقول له "خذ الكتاب بقوة"؛ أي أن يتمسك بـ"كتاب" حزب التقدم والاشتراكية بعد أن طال الأمد على وضعية هذا الأخير، التي لا يُحسد عليها، والتي صارت كحال "المعلّقة"، لا هي بالمتزوجة ولا بالمطلّقة!
حزب "الكتاب" لم يعد يعرف ماذا يُراد له، هل مازال في الائتلاف الحكومي أم لا؟ هو كذلك، حتى إشعار آخر، إذا أخذنا في الاعتبار أن شرفات أفيلال مازالت كاتبة للدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء مكلفة بالماء، ومازالت "نشيطة"، ورأينا كيف تعمل على مشروع حماية مدينة العيون من الفيضانات، وترأست هناك أشغال المجلس الإداري لوكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب. وقبل ذلك، زارت سدّ سيدي عبد الله بإقليم تارودانت وترأست مجلس إدارة وكالة الحوض المائي لسوس ماسة... المهم، السيدة مستمرة في عملها، وإن كانت تنتظر اتضاح الرؤية، كما الجميع!
تحركات أفيلال تشي بأنها، ربما، ضاعفت جهودها، لأن هناك من يحصي عليها أخطاءها، في "زمن الأخطاء"، كما عنون الراحل محمد شكري أحد أعماله، وإن كان الأصح أن يُحوَّر هذا العنوان، في سياق الأحداث الجارية في محيط حزب التقدم والاشتراكية، بصيغة "زمن إحصاء الأخطاء"!
ولقد رأينا كيف انتقلت في بداية شهر يناير الجاري إلى الحسيمة، التي ربما صارت "عقدة" حزب علي يعتة، بعد أن سقطت "منارتها" وتمّ "تعليق" محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب، من منصب وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، كما أسقطت زميله في قيادة الحزب الحسين الوردي من منصب وزير الصحة، وأصابت "شظاياها" محمد أمين الصبيحي وزير الثقافة في حكومة عبد الإله بنكيران.
ومن حسن حظ أفيلال أن الأمطار تهاطلت على مناطق "العطش" وندف الثلوج غطت ببياضها على "أزمة" كادت تعصف بها!
لقد أسقط "زلزال" الحسيمة رؤوسا، ويبدو أن ارتداداته توقفت، لكن الزمن "السياسي" توقف معها! فرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي أصبح أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، يقول إن التأخر في جمع "أغلبيته" الحكومية راجع إلى كونه كان منشغلا، كرئيس للمجلس الوطني (حينئذ)، بتنظيم المؤتمر الوطني الأخير لحزبه. ولكن، في الواقع، لا يمكن عقد هذا الاجتماع قبل تعويض وزيري "الكتاب"، إلى جانب وزير وكاتب دولة "السنبلة" الذين أعفاهم الملك محمد السادس من مهامهم!
لقد حسم "البيجيدي" في منصب الأمين العام، وآل المنصب إلى العثماني، وأُحيل بنكيران على "التقاعد السياسي النسبي"، فهل سيتأخر الحسم في تعويض المسؤولين الحكوميين المعفيين، ومن ثمة توضيح وضعية حزب "الكتاب" في الأغلبية، إلى ما بعد تنظيم المؤتمر الوطني العاشر لهذا الحزب، والمقرر عقده في منتصف شهر ماي المقبل؛ أي بعد أربعة أشهر، وانتظار إذا ما تم إسقاط بنعبد الله أو الاحتفاظ به؟
قبل الأزمة الأخيرة لحزب "الكتاب"، وهي الثانية بعد بلاغ الديوان الملكي الذي "قرّع" بنعبد الله بعد إشارته إلى المستشار الملكي الحالي ومؤسس حزب الأصالة والمعاصرة فؤاد عالي الهمة، كان الأمر شبه محسوم في "التمديد" للأمين العام الحالي للحزب، لكن كثيرا من الماء جرى من تحت جسر الرجل و"كتابه"، فهل كان من الأَولى أن يستقيل من قيادة حزبه، مباشرة بعد إعفائه من منصبه الحكومي، لتفادي إحراج باقي أعضاء المكتب السياسي؟ وإذا بدا أن الأمر بات متأخرا، فلماذا لا يعلن صراحة أنه لن يخلف نفسه على رأس الحزب في المؤتمر المقبل؟
وطبعا، لمساعدة بنعبدالله في حسم أمر مستقبله السياسي، كان على القيادة الحالية لحزب العدالة والتنمية، وعلى رأسها العثماني، ألا تزيد طينة الرجل بلّة، وتتركه يشكّلها وهو على "هدى من الله"، بعد أن تؤكد بوضوح تمسكها بـ"الكتاب" وبـ"قوة"!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00