بلخير سلام
"لنثبت مجددا أننا من نمد قلوبنا قبل أيدينا ليقف الفريق شامخا في أزماته، لا مجال للتعثر مجددا، والطريق نحو رسم النجمة الثانية على لوغو الوداد لا زال مستمرا، ولن نستسلم إلا ونحن نرى عودة شخصية بطل إفريقيا"...
لعل دلالات هذا المقطع الذي تضمنته إحدى فقرات ما تمت تسميته بـ"إعلان هام"، في صيغة "بلاغ تنبيهي" صادر عن إلترا "وينرز"، الفصيل المساند للوداد البيضاوي، أول أمس (السبت 30 دجنبر 2017)، من شأنها أن تختزل، بطريقة أو بأخرى، كل ما جرى ويجري داخل القلعة الحمراء، منذ الآونة الأخيرة، من صراعات داخلية غير معلنة، وما ترتب عنها من سلبيات ظاهرة للعيان، جراء مسلسل سوء النتائج التقنية، على غير المتوقع، خاصة في ظل ما سبق ذلك من تألق باهر في مسابقة دوري أبطال إفريقيا، وتتويج "الواك" بطلة بامتياز للقارة السمراء "التشومبيونسليغ".
ويبدو أن مطالب فصيل "وينرز"، وبهذه الطريقة الشبيهة بـ"الصرخة أو الاستغاتة"، لم تأت اعتباطا، ولا هي جاءت من فراغ، بل إنها، وبقدر ما شكلت دعوة مباشرة للأنصار من أجل تقديم الدعم والمؤازرة للفريق، فإنها تجسد رسالة إلى جميع مكونات النادي الأحمر، من مسيرين ولاعبين وطاقم تقني، وغيرهم ممن يدور في فلك وداد الأمة، سعيا إلى تجاوز الإكراهات والخلافات، وما تسببت فيه من نتائج سلبية طيلة شهر دجنبر بكامله، من سنة 2017، مقابل الدعوة إلى العمل على إعلان الانطلاق، من جديد، نحو أفق أوسع مع إطلالة سنة 2018، بهدف تعويض ما ضاع عبر تتبيث الأوضاع، وقول الوداع لكل ما أطل من أوجاع.
وإذا كان الوداد قد اختتم، أمس الأحد، نهاية شهر دجنبر، أو على الأصح قد ودع سنة 2017، بتحصيل نقطة واحدة من تعادل يبقى أفضل من هزيمة، على كل حال، برسم الدورة الختامية لشطر ذهاب البطولة "الاحترافية"، أمام شباب أطلس خنيفرة، بملعب هذا الأخير، فإنه مطالب باستثمار أحسن لهذا المعطى الرقمي، رغم تواضعه، بحكم أن أهداف الفريق وطموحات جماهيره أكبر من ذلك بكثير، وباعتبار أن النادي الأحمر، ومنذ أن خلق ذات يوم من عام 1937، ظل وفيا لتحقيق الانتصارات والألقاب في كل الاتجاهات والأزمنة، وإسعاد الجماهير بجميع الفئات وعبر كل الأمكنة، على مدى ما يزيد عن ثمانية عقود مرت على تاريخ تأسيسه، حتى الآن.
وتبعا لفلسفة الحياة الدنيا بصفة عامة، فبالأحرى مجال الرياضة وكرة القدم بصفة خاصة، فإن الوداد أمضى الفترة الأخيرة بشكل يبدو الأسوأ له، في السنوات الماضية، لاسيما سنة 2017، التي توج فيها بطلا لإفريقيا، فضلا عن أول مشاركة له في "موندياليتو" الأندية، إذ عاش شهر دجنبر على نحو سيئ، تعرض خلاله لـ5 هزائم غير متوقعة، كلفته إهدار نقاط بالجملة، وضياع مراكز بكثرة، ضمن مشوار إخفاقات وتعثرات، استهله الفريق في مونديال الأندية، بهزيمتين متتاليتين أمام كل من باتشوكا المكسيكي وأوراوا دايموندز الياباني، قبل أن تتوالى سقطاته على مستوى البطولة "الاحترافية"، في ثلاث مناسبات، أمام كل من اتحاد طنجة وحسنية أكادير وأولمبيك آسفي.
وبينما أدى هذا الانحدار إلى حدوث وقع سلبي على مستوى الرصيد التقني للفريق، وإدخال أنصاره في مرحلة شك، فقد تعددت التساؤلات الحارقة والاستفسارات المقلقة بشأن ما يجري في الوداد، على كل لسان، خاصة من لدن العشاق والأنصار، ولهم منتهى الحق في إبداء تخوفهم، بالنظر إلى ارتباطهم الصادق بالقلب والشرايين مع ناد كبير ومرجعي من حجم الوداد، مثلما من واجب مسؤولي "الواك" تقديم أجوبة مقنعة وشافية، على أرض الواقع، علها تقي المحبين والمشجعين شر مضاعفة الآلام إزاء ناد يعشقونه حتى النخاع، بدليل أن جماهيره، وعلى رأسها إلترا "وينرز"، تشكل بالواضح رقما مهما ضمن المعادلة الودادية.
على أي حال، لا بد من الإقرار بشيء من وحي الواقع الكروي المر؛ ذلك أنه وباعتبار الوداد، كما باقي الفرق المغربية، تنتمي للبطولة الوطنية المسماة تجاوزا بـ"الاحترافية"، وما هي كذلك إطلاقا، وبحكم أن اللاعب المغربي ما يزال هاويا، وفي منأى عن أي احتراف، لغاية الأسف، بقوة الدلائل والوقائع، فإن لاعبي الوداد بدوا كما لو أنهم انساقوا في رتابة الهواية، منشغلين بالإنجاز الإفريقي، وما تلاه من أفراح واحتفالات، وشبه أحلام شخصية بـ"عروض احترافية مغرية" قد تأتي أو لا تأتي، دون التعاطي بالشكل اللازم مع حدث مونديال الأندية، كما مع مباريات البطولة الوطنية.
ولعل هذا الانسياق قد أكده المدرب الحسين عموتة نفسه، عندما قال ما مفاده بـ"أن اللاعبين، ومنذ أن فازوا بلقب عصبة الأبطال، وهم يحتفلون"، في إشارة منه إلى "أن حضورهم الذهني في التداريب لم يعد كما كان من قبل، بالحماس والرغبة نفسيهما"، علما أن المدرب ذاته بدا، بدوره، وكأنه فقد بوصلة مجموعته البشرية، وعجز عن تدبير الأمور التقنية، كما كان يبدو، على الأقل، من ذي قبل؛ وفي ذلك تأكيد على الهواية المتفشية في كرتنا، هنا وهناك؛ ليس على مستوى اللاعبين فحسب، بل على صعيد مختلف المكونات التسييرية والإدارية والتدريبية، كما في قطاعات أخرى غير الرياضية، على حد سواء.
باختصار، إن كرة القدم المغربية بـ"ودادها ورجائها وفتحها وكوكبها وحسنيتها وبركانها وجيشها"، وغيرها من الفرق، بل حتى بأجهزتها الوصية، وعلى رأسها الجامعة الملكية، بحاجة إلى احتراف حقيقي، بدءا بالاحتراف الفكري والذهني، عبر تغيير العقليات الهاوية إلى ما هو مطلوب في عصر العولمة والاحتراف.
غير ذلك، سنبقى، لسنوات أخرى متعاقبة، وربما لعقود إضافية، بمثابة "رهائن لدى مضيعة الوقت"، و"مجرد حبيسي حلقة مفرغة"، ليس إلا.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00