موسى متروف
قبولُ إدريس الأزمي الإدريسي خوض النزال الأخير مع سعد الدين العثماني، على خلافة عبد الإله بنكيران، لا يعني غير أن رئيس فريق العدالة والتنمية أشهر في وجه رئيس الحكومة ورقة المعارضة؛ أو الورقة الحمراء، بدل "المساندة الراشدة والمبصرة والناصحة"!
ومهما يكن من أمر، فقد فاز العثماني بأغلبية أصوات مؤتمري حزبه في مؤتمرهم الوطني الثامن، حيث نال 1006 أصوات يمكن اعتبار أصحابها "عثمانيين"، مقابل 912 صوتا "بنكيرانيا"، لمنافسه الذي لم يكن في حسبان الدكتور الذي خَبر النفوس ولكن القلوب تبقى عصيّة عليه وعلى غيره. فسبحان مقلّب القلوب!
لقد كاد العثماني أن يفقد زعامة الحزب، كما فقدها في 2008 خلال المؤتمر الوطني السادس، حيث لم يظن أحدٌ أن عبد الإله بنكيران كان "سيختطفها" منه، ويضيّع عليه ولاية ثانية، ربما كانت نظريا، وفي نظره بالأساس، محسومة! لكن تبقى هذه من أبرز مراكز قوة حزب إسلاميي المؤسسات الذي انتصر، مرة أخرى، بديمقراطيته الداخلية التي يتميّز بها في صحراء أحزاب المملكة الشريفة...
لقد اقتحم العثمانيون عقبة كأداء، هي عقبة الزعيم غير المُتنازع في كارزميته عبد الإله بنكيران، ولو إلى حين، لأنه ربما يعود بقوة في المؤتمر المقبل ويُعيد الكَرّة وينتزع من الدكتور الولاية الثانية وللمرة الثانية ولو أنه "لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين"، كما يقول الحديث الشريف!
لقد اعتبرتُ الأصوات التسعمائة والاثنى عشر التي كانت من نصيب الأزمي بنكيرانية، لأن الأزمي هو مجرد صدىً لصوت بنكيران، الذي اختاره يوما "مسمار جحا" في وزارة الاقتصاد والمالية التي مُنحت في أول حكومة للأمين العام الأسبق لـ"البيجيدي" للاستقلالي نزار بركة، وكان ربما سيكون "مسمار جحا" على رأس الحزب الإسلامي، وربما كان آخر مسمار يُدقّ في "نعش" حكومة العثماني، بل يُدَق في "نعش" حزب "المصباح" الذي كان سيغرق في "الظلمات"! وحسنا فعل بنكيران عندما أهدى مصباحا زجاجيا، أُهدي له قُبيل ذلك، لخلفه على رأس الحزب "لكي يُحافظ عليه"، ولكن في الواقع كان مصباح الحزب مهددا بانطفاء نوره إلى الأبد!
لقد نجا "البيجيدي" بالقوة وبالفعل من "أزمة الأزمي"، وأفلت هذا الأخير من أن يصبح أيضا سميّا للأزمة بعد أن كان سميّاً لمولاي إدريس، مؤسس الدولة الإدريسية ونجله مؤسس فاس، وأفلح في أن يصير عمدة لهذه الأخيرة!
هل قُضي الأمر الآن ورُفعت الأقلام وجفّت الصحف لصالح العثماني و"انكشاريته العثمانية"؟
بغض النظر عن البنكيرانيين، الذين يقترب عددهم من العثمانيين، كما رأينا في المجلس الوطني السابق وفي المؤتمر الثامن، بحيث لم يكن الفارق كبيرا، ما يؤشر على أن هناك انقساما حقيقيا في الحزب، فإن العثماني، بفوز لا يتعدى نسبة 51,8 في المائة، سيتحمّل مسؤولية مزدوجة، مسؤولية إنجاح مهامه على رأس الحزب والحكومة، وليس فقط من حيث مسؤوليته أمام الملك محمد السادس الذي عيّنه رئيسا للحكومة خلفا لبنكيران، وساهم في إيصاله (أو إعادته) إلى زعامة حزبه، ولكن أمام الشعب الذي جعل حزبه يتصدّر الانتخابات التشريعية الأخيرة، كما التي كانت قبلها.
ولقد رأينا كيف أخلف الحزب مواعيده مع الانتخابات الجزئية، وربما أشّر ذلك على تراجع الحزب، إذا لم يتدارك الأمر ويحقق حصيلة إيجابية وملموسة، سواء على مستوى العمل الحكومي أو على مستوى الجماعات الترابية، وخصوصا في المدن التي اكتسحها...
ومن المنتظر، إن أطال الله عمرا لبنكيران، حتى المؤتمر التاسع، أن ينتظر العثماني "في الدورة"، بعد أن يكون اجتاز ولايته الحكومية، ويسائله، كما أتباعُه، عن حصيلته، وفي ما فعله في تركته وفي وصية الدكتور عبد الكريم الخطيب (قوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا") التي أهداها إليه منقوشة بعد أن خلفه رسميا!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00