مصطفى أزوكاح
لم يجد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، أي حرج في المقارنة بين أسعار المحروقات في المغرب وفرنسا وإسبانيا.
فعندما سُئل حول ارتفاع تلك الأسعار عندنا، رد بأن الفرنسي والإسباني يؤديان أسعار أكثر مقارنة بالمغربي.
لم يحس الوزير بأي حرج وهو يفكر في هذا الرد، ولم يتلعثم عندما كان يتفوه به. لم يستحضر القاعدة التي تقول "لا مقارنة مع وجود الفارق". والفارق بين البلدين الأوروبيين والمغرب شاسع وواضح حتى لمن لم يكن وزيرا، علما أن الوزير حصل على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد من فرنسا.
لم يتساءل الوزير حول مقومات القدرة الشرائية للأسر هنا وهناك، وحول المساعي التي تبذلها الدولة هناك وهناك والمجتمع المدني هنا وهناك، من أجل الدفاع عن المستهلك وحمايته من جشع الموردين، رغم سيادة قانون العرض والطلب، الذي يتغنى به الوزير.
عندما سيستمع المغربي للمقارنة التي اقترفها الوزير، حول الفرق في القدرة الشرائية بين الأسر في البلدان الثلاثة موضوع المقارنة، قد يردد، كما أي مواطن تعوزه العبارة أمام هول ما يسمع: "لا أحول ولا قوة إلا بالله".
وقد يذكّر أحدهم الوزير بأن الحد الأدنى للأجور في فرنسا مثلا محدد في 1138 أورو في الشهر، أي حوالي أربع مرات الحد الأدنى للأجر في المغرب. وكان على الوزير أن يعلم ذلك، هو الذي سبق له أن كان أستاذا للاقتصاد، قبل أن يصبح وزيرا بفضل حزب العدالة والتنمية.
الوزير الذي يفخر بأنه جاء من الجبل، يعلم أنه ترك وراءه، قبل أن ينزل إلى الرباط، أسرا تعاني من شظف العيش، وكانت تتمنى أن يسعى كي يحسّن مستوى عيشها، عبر الحرص على أن تكون السوق شفافة، خاصة في ظل انسحاب الدولة من العديد من القطاعات.
الوزير اعتبر أن أرباح شركات توزيع المحروقات ارتفعت منذ تحرير أسعار الغاز والبنزين، لكنه يؤكد أنها ليست مسؤولة عن المستوى الذي بلغته اليوم، واختار اتهام السوق الدولية، التي قفز فيها سعر البرميل من 45 إلي 63 دولارا.
الداودي نفسه سبق له أن صرح بأن التحول الحقيقي الذي حدث منذ تحرير أسعار المحروقات، هو تضاعف أرباح الفاعلين، مؤكدا، في الوقت ذاته، أن وزارته تبذل جهودا من أجل عدم تأثر المستهلكين بتحرير السوق.
غير أنه عندما يتحدث عن تحرير سوق البنزين والغازوال بالمغرب، فإنه يعطي الانطباع بأنه يتوجب على المستهلك المغربي أن يسلم بالزيادات المتتالية التي عرفتها الأسعار، ويعتبرها أمرا عاديا ما دامت يد السوق هي العليا.
وكان الأجدر بالوزير أن يوضح كيف تضاعفت أسعار شركات البترول، في وقت ارتفعت فيه الأسعار في السوق الدولية، فهل كان ذلك على حساب المستهلك المغربي أم أن عوامل أخرى أسعفت تلك الشركات؟
صحيح أن لجنة استطلاعية شكلت بمجلس المستشارين من أجل الوقوف على حقيقة سوق المحروقات بالمغرب، غير أن التأخر الذي طبع تشكيلها وإرجاء انخراطها في القيام بتلك المهمة، قد يدفع إلى التساؤل حول مدى تقديرها لحساسية هذا الموضوع.
يبدو أن الوزير، الذي يفخر بأن جاء من الجبل، اكتشف في الحكومة "فضائل" السوق، غير أنه، كاقتصادي، يفترض فيه أن يستحضر مقولة الاقتصادية البريطانية جوان روبنسون التي قالت مرة "السوق تقوم بعملها دائما، لكنها يمكن أن تقوم به عن طريق الخنق". فهل يريد أن يخنق، بمساعدة السوق، من يُفترض أنهم جاؤوا به بلا "مائة درهم بلا برقوق"، كما يحبّ أن يفخر بذلك!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00