موسى متروف
في "سيرة بني هلال"، هناك رجل اسمه أبو زيد الهلالي جعلته الأسطورة بطلا يتنكر في أي زي ويحترف أي مهنة ويتحدث بأي لغة، لكن "أبو زيد المقرئ الإدريسي ليس بطلا، لكنه قد يحترف مهنة "الأستاذ" و"البرلماني" (عن حزب العدالة والتنمية) و"الداعية" (عن حركة التوحيد والإصلاح)... ويتحدث في أي لغة، وليس بأي لغة، وهو نائب برلماني عن منطقة استوطنها بنو هلال وجزءٌ منهم باقٍ فيها!
ونبدأ باللغة والرجل متخصص في "اللسانيات"، دراسة وتدريسا جامعيا، وهنا يظهر العجب العُجاب!
فقد قال أبو زيد بلسان، ليس فيه عظم، يوم الاثنين الماضي (20 نونبر الجاري)، في محاضرة نظمتها له حركة التوحيد والإصلاح "ثبت الآن أن الأوربيين والأمريكيين، اعتمدوا سريا (يغمض عينيه مع التشديد على الكلمة)، سرّي جدا جدا جدا (ودقّ على المنصة)، اللغة الرسمية لأرشيفهم، اللي غيخلّيوه للتاريخ، للقرون، العربية (ويلتفت إلى امحمد الهلالي، نائب الحركة الذي كان إلى جانبه وهو الذي قدّم للمحاضرة)، وهم لا يريدون أن يعرف أحدٌ هذا لكي لا يرتفع سهمُ العربية. هوما تيكتبو، الميريكان، الأوروبيون، من بعد تيترجموا للعربية"! يا للفتح الرباني المبين، الذي كشف له ما يعتمل في الدهاليز المغلقة للأوربيين والأمريكيين! لكنه لم يقل لنا من هم هؤلاء الأوروبيين، إذا افترضنا أنه يقصد بالأمريكيين صانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، هل الاتحاد الأوروبي، أم بعض الدول الأوروبية فقط؟ ومهما يكن، فالرجل، العالِم بأسرار الأوروبيين والأمريكيين، يشرح لنا أن هؤلاء يقومون بهذا العمل الضخم في الترجمة إلى اللغة العربية لـ"أنهم اكتشفوا أن العربية هي التي وحدها بعد ستة القرون، سبعة القرون، يلقاو داك الكلمات عندها نفس المعنى"! الله أكبر! كأن اللغات الأخرى حية تتطور ولغتنا جامدة! وأعطى مثال كتب الجاحظ التي ما زلنا نقرأها ونفهمها! كأن لغة الجاحظ هي التي يكتب بها أو يدرّس بها!
لو كان الرجل يقول هذا الكلام من باب التخفيف على مستمعيه، لضحكنا ومررنا عليه مرور الكرام، كما ابتلعنا، بمرارة، نكتته "الحامضة" حول "بخل" التاجر السوسي، أمام حضور خليجي قبل حوالي أربع سنوات!
أمَا وقد كان الرجل جادّا، وأكثر من الجدية ذاتها، وكان يقطّع كلماته ويوقّع إيقاعها بضربات على المنصة وبتوزيع نظرات صارمة ليشد الانتباه، فإن الأمر صار لا يُطاق! ماذا يا ترى يدرّس أو كان يدرس أبو زيد هذا لطلبته؟! ما هو حجم الخزعبلات التي يوزعها على الناس في غياب "فيديوهات" لا تصلنا، على خلاف المحاضرة التي تضمنت آخر بدعة له؟!
لقد قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لعبد الإله بنكيران كلمة حق عندما وصف منتخبي حزبه بأنهم "ليسوا عباقرة"،وأكد أنهم "متوسطين"، لكن مثل هذا المستوى الذي أبان عنه "اللساني" أبو زيد دون المستوى، وبجدارة!
والشيء بالشيء يذكر، ما دمنا تحدثنا عن بنكيران، فأبو زيد هذا نشر مقالا في موقع حزب إسلاميي المؤسسات، قبل يومين، يصف فيه حزبه بأنه "فريق من الصادقين المرابطين"، كأنهم في جهاد! وفي أسفل المقال، نجد أحدهم يعلّق "فتح الله عليك أخي أبو زيد. هذه هي الأصوات التي نريد أن نسمع. ترشد وترشد بتشديد الشين"! فماذا قال في "ملك الله"؟!
لقد دعا المؤتمرين (في مؤتمر الحزب المنتظر تنظيمه يومي 9 و10 دجنبر المقبل) أن "يستخيروا الله عز وجل بخشوع إلحاح"، و" الالتـزام بآداب وتقاليد الخلاف المرعية"، وإلى الإيمان "إيمانا راسخا بأننا -إن اجتهدنا في الرأي، واحترمنا المنهج- موفقون بإذن الله لما فيه الخيـر، أو الأقل سوءا (على أسوأ تقدير)، فيما يتعلق بالاختيارات (في الرؤية والقرارات والأشخاص)، وعليه فإن علينا أن نسلم بالنتيجة، ونطمئن إليها، مادامت حصيلة عمل راشد ونعقد العزم على الالتزام بها، ونعاهد الله على إنفاذها وإقناع من حولنا بأنها أفضل ما تيسر..."، و" ألا ندع لتلبيس إبليس سبيلا علينا، بأن يفتح على الفريق الذي لم يوفق في الإقناع برأيه، وكان التصويت بخلاف ما رأى، بابا من التأويل مفاده: "لست ضد نتائج الديمقراطية، لكنني لاحظت "خروقات" و"تغليطات" غررت بالحضور، ودفعتهم إلى التصويت على القرار الخطأ".... وكلام من هذا كثير، ليخلص إلى القول "لقد تربينا على شعار "الطاعة في المنشط والمكره" فمن لم يطع إلا في المنشط، فهو عابد لهواه، متأله على إخوانه برأيه، مستصنم لاجتهاده، لا يؤمن بالشورى إلا إن هدت جسرا من رأيه إلى عقول الناس، وهو كافر بالاختلاف، ناكص على عقبيه، وهذا مفتاح الشر، ومقدمة الانشقاقات، لا ننتظر بعده إلا أن نشهد تجلي نزعة تسلطية، تروم الانفصال، وشق الصف، بشعارات "الحركة التصحيحية" و"تيار الوفاء" و"مواجهة الخونة" ثم الانتهاء إلى نتائج مأساوية تضعف الطرفين"، قبل أن يختم "اللهم هل بلغت فاشهد".
بعد وصف أعضاء حزبه بـ"المرابطين"، ينتقل إلى "الاستخارة" و"إبليس" و"التألّه" و"الأصنام" و"الكفر" و"النكوص على العقبين"، كأن الأمر لا يتعلق بمجرد مؤتمر، بل بجهاد حقيقي، أو على الأقل غزوة... هلالية! ولله في خلقه شؤون!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00