موسى متروف
ما وقع اليوم، في سوق أسبوعي، بسيدي بولعلام بضواحي الصويرة، كارثة حقيقية، ذهبت ضحيتها 15 امرأة، لا ذنب لهن إلا أنهن سعين للحصول لذويهن على تلك المؤونة التي لا تتعدى مكوناتها كيسي دقيق من وزن 25 كلغ وسكر وزيت وعدس و"لوبيا"، ولكنها "ثروة" بمقاييس من يعيشون في الفقر المدقع!
ما الذي يجعل هذا العام مختلفا عن المناسبات الأربع السابقة التي كان المقرئ الشهير عبد الكبير الحديدي يوزع فيها مواد غذائية على أهل منطقته بسيدي بولعلام؟
صحيح أنه سبق أن وقع ازدحام قبل أربع سنوات، حسب تصريحات لمحمد الحديدي، ابن المقرئ، ولم يكن هناك ضحايا، لكن عندما نقرأ تصريحات نفس هذا الابن، يجب أن نتوقف عند كون العدد المفترض من الأُسر التي كانت ستستفيد من تلك المواد الغذائية، هذا اليوم، يصل إلى حوالي 2500 أسرة! المنظمون إذن كانوا يتوقعون حضورا بالآلاف، فماذا عن السلطات المحلية؟
عند مطالعة صور المكان بعد الحادث المأساوي، نرى لافتة كبيرة معلّقة وقد طُبعت عليها عبارة تقول "بمناسبة ذكرى المسيرة (...) تتشرف جمعية أغيسي لحفظ القرآن الكريم والأعمال الاجتماعية بتوزيع مساعداتها السنوية لسنتها الخامسة وذلك بمقر رئيسها بجماعة سيدي بولعلام إقليم الصويرة أيام 19 و20 و21 نونبر 2017".
نستنتج من هذه اللافتة، المعدّة كما ينبغي لها من طباعة احترافية وغيرها، أولا أن السلطات على علم بتوزيع المواد الغذائية، حتى ولو لم يتم إخبارها من طرف المنظمين، وإلا سنجد أنفسنا أمام حالة عبثية، لا تعلم فيها السلطات المعنية ما يقع قرب سوقها الأسبوعي وفي واضحة النهار!
ثانيا، التوزيع يتم "سنويا" وللمرة الخامسة، وهذا "يورّط" السلطة، لأنها ألِفت هذه العملية وكان عليها أن تعدّ لها عدّتها الكافية من التأطير الأمني (الدرك الملكي والقوات المساعدة) وغيره.
ثالثا، التوزيع كان متوّقعا أن يتم على امتداد ثلاثة أيام، فماذا وقع حتى وقع الازدحام في اليوم الأول، وفي فضاء قريب من السوق الأسبوعي؟
قرأنا أن المقرئ المعني قام، حسب تصريحاته، بما قام به في إطار قانوني (جمعية أغيسي لحفظ القرآن الكريم والأعمال الاجتماعية)، لكن "الروح عْزيزة عند الله"، كما يقول المغاربة منذ القدم، ولابد من مساءلة جميع المعنيين بهذه العملية برمّتها، حتى لا يذهب دم هؤلاء النساء شهيدات الفقر الذي يكاد يكون كُفرا، في منطقة جافة، محاصيل الزيتون فيها هذا العام ضعيفة، والأمطار فيها منحبسة، كما باقي ربوع البلاد.
والمساءلة، تعني أولا "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، ولا بد من الانطلاق من السلطات المحلية والدرك الملكي في المنطقة، مع فرضية البراءة المبدئية للجميع، ولا يجب الاقتصار على الاستماع إلى المُحسن الذي يقوم، بما يقوم به عموما المجتمع المدني، نيابة عن الدولة، وفي غياب مبادرات استباقية في مثل هذه الظروف الشاقة في بعض مناطق المملكة ومنها هذه المنطقة المعنية بكارثة اليوم.
والخوف كلّ الخوف أن يتم استخراج بعض القوانين تتعلق بـ"الإحسان العمومي" للتضييق على فاعلي الخير والمحسنين الذين، بين الفينة والأخرى، يتذكرون مواطنين لهم، تكاد سلطات بلادهم لا تستحضرهم في سياساتها العمومية.
وفي الوقت الذي تحدثت وزارة الداخلية، اليوم، عن "فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة لمعرفة ظروف وملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات"، فضلا عن كونها قد "فتحت تحقيقا إداريا شاملا في الموضوع"، فإن المؤمّل أن تتم معاقبة كل من أخلّ بمسؤوليته وأدى ذلك، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى إزهاق أرواح هؤلاء النساء البريئات، لكن "العدل أساس الملك"، وهو ما يفترض معه عدم تقديم أكباش فداء، خصوصا من بين ذوي النوايا الحسنة!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00