مصطفى أزوكاح
لم يستسغ مسؤولو الأهلي الهزيمة أمام الوداد. الفريق الذي فاز بثماني كؤوس للعصبة الإفريقية، يتصرف مثل التلميذ المجتهد المشهود له بالتفوق والذي يحتل الرتبة الأولى في كل عام، لكن عندما يظهر تلميذ آخر، يدحرجه إلى الرتبة الثانية، يستشيط غضبا، ويدعي بأنه تعرض للظلم من قبل أساتذته.
في مباراة القاهرة أو الدار اليضاء، لم يشأ مدرب الأهلي البدري الاعتراف بالهزيمة وتهنئة فريق الوداد وطي صفحة النهائي. لم يكظم غضبه، وكال الاتهامات للتحكيم الإفريقي، مدعيا بأن التحكيم يحسم مباريات العصبة الإفريقية.
وسار رئيس الفريق محمود طاهر على نهج المدرب، حيث عبر عن نيته في التظلم لدى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. وهذا حقه، لكن ما ليس من حق مسؤولي الأهلى أو الإعلام المصري ، هو أن يتم الإيحاء بأن الوداد البيضاوي، فاز بالكأس بطرق غير رياضية.
وقد ساد وسط جانب من الإعلام المصري، نوع من السلوك غير المهني، حيث اتفق بعضهم على أن التحكيم حسم المباراة لفائدة الوداد، وانساق الكثيرون وراء العواطف، التي يمليها حبهم لنادي الأهلي والظن بأن الكأس لا يجب أن يناله غيره.
وحاول موقع " الفجر" المصري، التدليس على قرائه عندما اقترف العنوان التالي:" الفجر تكشف رشوة حكم الأهلي والوداد" وينشر صور للحكام الثلاثة بمعية الحكم المغربي السابق، خليل الرويسي، حيث يصبح فعل الرشوة ثابتا، حسب موقع "الفجر"، لأن الرويسي يجالس حكام مباراة أمس. فلو كان مجرد الجلوس إلى أشخاص معينين يعتبر رشوة، لدخل نصف سكان الكرة الأرضية السجن.
وسمعنا من يعتبر بأن الكأس سرقت من الأهلي، ومن يذهب إلى أن تتويج الفريق المصري شرف لأفريقيا، وكأن فرق القارة السمراء، وجدت كي تلعب دور الكومبارس، في مسرحية بطلها الأهلي.
التشكيك في نزاهة التحكيم شأن أهلاوي محض، لا أحد يمكنه أن يمنع مسؤولي الفريق من التعبير عن الغضب، فهو شعور مشروع، وينفع، في بعض الأحيان، في عملية تبرير الهزيمة أمام الجماهير. هذا سلوك خبره المراقبون في بطولاتنا الوطنية، حيث لا أحد يريد الاعتراف بمسؤوليته هو، قبل تحميلها للآخرين.
ولعل أبرز مثال على هذا ما صرح به، أمس السبت، مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، الذي اتهم حكم مباراة أمس بين الوداد والأهلي بأنه" قابض". ومن له مصلحة في بذل المال من أجل هزيمة الأهلي؟ إنه الوداد البيضاوي. هذا ما يوحي به منصور.
وعندما يتصدى منصور للدفاع عن الأهلي، ويعتبر بأن الحكم قابض وظالم، فهو لا يشذ عما درج عليه في تصريحاته. فالرجل الذي اعتاد على تهديد خصومه ب"سديهات" تكشف عوارتهم، لم يتورع مؤخرا، عن اتهام فريق هزم الزمالك، بالاستعانة بساحر مغربي.
لا أحد يجادل في حق الأهلي في التظلم لدى المؤسسات التي تنظر في ذمة الحكام، غير أن السؤال الذي يفترض في كل من لم يقبل بهزيمة الأهلي أن يجيبه عنه هو التالي: هل استحق الأهلي الفوز بالكأس؟
نعم الأهلي يستحق الفوز بالكأس، فقد سعى إليها وعبأ لها كل الإمكانيات المالية والبشرية، ولا أحد يجادل في احترافية الأهلي. لكن هناك تفاصيل أخرى تحسم المباريات الكبيرة.
لم يتألق لاعبو الأهلي في النهائي، كما فعلوا في النصف النهائى، فقد بدوا منهكين، غير قادرين على الحسم، ولم تتأت لهم المساحات التي استفادوا منها عندما فازوا علي النجم الساحلي التونسي. هذا ما تجلي في الإسكندرية، حيث تمكن الوداد من العودة بتعادل ثمين، استثمره المدرب عموتة جيدا بالدار البيضاء.
لم يسرق الوداد الكأس. لم يتفوق لاعبوا الأهلي المصري، فقد طبق لاعبوا الوداد الخطة التي رسمها لهم مدربهم، بالكثير من الذكاء والنضج، واستحقوا الكأس، باعتراف محللين وفنيين مصرييين لم يستسلموا لمشاعر الغضب، التي تدفع الناس إلى تصريحات لاتقنع سوى من صدرت عنه.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00