موسى متروف
منذ أن تَوفّى الله عبد الله بها في مساء الأحد سابع دجنبر 2014، بقي الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران بلا "وزير"، بالمعنى القرآني، الذي جاء في سياق دعاء كليم الله موسى ربّه لـ"استوزار" هارون والوارد في سياق سورة طه.
لقد كان لبنكيران ما أراد في بداية 2012 وتم إشراكُ بَها في أمره ليشدّ أزره في الحكومة، كما شدّ أزره في الحزب، ورغم أن الكل كان يفقه قول أول رئيس حكومة في عهد الدستور الجديد، بعد أن حُلّت، أو كادت، كل عقد لسانه إلا أن دور "الحكيم" بها كان واضحا في الحد من غلواء الرجل الذي لا يكاد يقف أمام ميكروفون حتى تأخذه الحمية ويبدأ في "رمي" كل شيء يتحرك أمامه، بلسانه طبعا، ولكن لله درّ الشاعر الذي قال: جراحات السّنان لها التئام//ولا يلتئم ما جرح اللسان!
لقد رحل بها إلى دار البقاء وظل بنكيران في دار الفناء، وربما، والله أعلم، لو بقي "الحكيم" حيا لما كان حال بنكيران كحاله اليوم. ربما ظل رئيسا للحكومة لولاية ثانية، وكانت الولاية الثالثة على رأس إسلاميي المؤسسات كاللقمة السائغة. لماذا؟ ربما استطاع الراحل أن يجعل بنكيران أكثر "رزانة" في الخوض في مواضيع تهمّ الجالس على العرش وفي تدبير "الثقة" الهشة بينه وبين القصر، لكن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى...
الآن وبعد أن وقعت "الفاس في الراس"، وصار سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، بدا هذا الأخير وكأنه يعمل تحت "وصاية" بنكيران، وبدا هذا الأخير كأنه "علا في الأرض" أو على الأقل "علا في الحزب"، بدون رادع، وهو ما تبدّى في الكلمة الأخيرة التي ألقاها أمام منتخبي حزبه في مجالس الجماعات الترابية يوم السبت 21 أكتوبر.
كلمة أتى فيها على "الأخضر" و"اليابس" من قيادات حزب العدالة والتنمية وأبرز فيها نفسه كأنه الوحيد صاحب الفضل على الجميع، وهو ما فرض رد فعل المصطفى الرميد القيادي في الحزب ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان في حكومة العثماني.
الغريب أن بنكيران استوصى العثماني بالرميد خيرا وطلب منه، عند تعيينه رئيسا للحكومة في مارس 2017، أن يجعله في مكانة بَها في حكومته الأولى، أي أن يعيّنه وزيرا للدولة، حتى يكون بالقرب منه. والواقع أن بنكيران كان أحوج الناس إلى حكمة الرميد والاستفادة من خبرته في "مخالطة" أهل الحل والعقد في البلاد، وبدل أن يجعله إلى جانبه (حتى وإن تم تعيينه عضوا في حكومة العثماني) ها هو قد دفعه ليهاجمه!
ولا شك أن التدوينة الفيسبوكية التي نشرها الرميد، مساء يوم الخميس 26 أكتوبر، قد نغّصت على بنكيران تلك الليلة المباركة وهي ليلة الجمعة، العيد الأسبوعي للمسلمين. وهي تدوينة تاريخية، قال فيها الرميد، وبملء فيه، ما يقوله غيره همسا، أو بعيدا عن آذان بنكيران المبثوثة في كل مكان، ليس لأن له "جواسيس" يعملون لصالحه، ولكن لكثره من يوالونه ويدينون له بالطاعة ويجعلون منه "شيخ الجماعة"!
ما كان على أمين عام "البيجيدي" أن "يستعدي" الرميد الذي عبر أكثر من مرّة وبصراحة أنه غير معني بخلافة بنكيران على رأس الحزب، لكنه قد يكون معنيا حاليا بدعم العثماني ليخلفه، وله في ذلك أكثر من سبب منطقي، وحتى بمنطق بنكيران الذي كان يقول إنه يستحيل أن يكون رئيسا للحكومة ولا يكون في الوقت ذاته أمينا عاما للحزب!
وبدل أن يختار بنكيران الرميد "حكيما" إلى جانبه يستشيره في أمور السياسة، التي هي في الأصل ملتبسة، يلتبس فيها "الحق" و"الباطل"، ها هو الرميد يفرض ذاته "حكيما" في الحزب وربما "حَكما" في المعركة القادمة على رأس الحزب بين العثماني وبنكيران...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00