موسى متروف
إلياس العمري، الأمين العام المستقيل لحزب الأصالة والمعاصرة، "مامْفاكّش"، ولا يتجرع أن يؤدي ثمن خطاب العرش وحده، كأن كل الأمناء العامين للأحزاب الأخرى غير معنيين به، وهو المعني فقط بما أشار إليه ملك البلاد من شر يُراد بالعباد! وماذا يعني "تراجعه" عن الاستقالة؟ هل يقصد أنه وقع له ما وقع للحمار، الذي لما لاحظ أن المالك شرع في وسم بقره، بدأ يتحرك من مكانه عسى أن ينفكّ قيده، فاكتشف في النهاية أن "الكيّ في البْگر والحمير كتزعرط"؟!
لقد بدا أن حال إلياس يقول "صِيحة الزربة"، بعدما اعتقد أن ريح الخطاب كانت عاتية ولن تبقي أحدا، فإذا بها لم تحركه إلا وهو "بخفته" المعهودة ونزقه الذي لن ينساه له أحد ومأثوراته "التاريخية" التي يسجلها موقع "يوتيوب" ولم تجد بمثلها قريحة الزعيم عادل إمام!
نعم، لقد استقال إلياس، وأخرج عينيه ملء محجريهما، وقال إنه "استقال" وانتهى الكلام، لكن الكلام لم ينته، وعاد إلياس لينتفض من رماده، ليتحدث يوم الأحد 22 أكتوبر، أمام المجلس الوطني لحزب "الجرار" بلغة لم يفهمها أحد. والواقع أن أغلبهم لم يرغبوا في الفهم، وخصوصا أن "برلمان" الحزب افتتح أشغاله بقوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ. يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ. فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ. وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْه اللَّهَ فَسَيُوِتيهِ أَجْرا عَظِيما". السيد طلب المبايعة كأنه عاد لتوه من الحديبية ليطلب من أصحابه أن لا يفرّوا عند لقاء العدوّ، ولا يولُّوهم الأدبار ويفوا بالعهود ونسي أنه هو آخر من عاهد بالاستقالة ولم يوف بها! ومع ذلك كان له من "الرفاق" من لم يرغبوا في مغادرته، لأنها منذ شهر غشت الماضي لم تكن إلا كصندوق "باندورا" الذي لم يجلب غير اللعنة على من أشارت إليهم الأصابع بالاغتناء من "كاش" حزب أراد يوما أن يمارس السياسة بشكل مختلف. وبالفعل فقد مارسها بشكل مختلف، لكن بشكل أسوأ ما يكون، وربما لم يكن له نظير في تاريخ الحياة السياسية والحزبية الوطنية، حتى في أحلك فتراتها!
أما الآن وبعد أن "ألزمه" برلمان حزبه بتحمل مسؤولياته على رأس الحزب إلى غاية انعقاد الدورة القادمة، فعليه أن يفكر في "تخريجة" تحفظ له ما تبقى من ماء وجهه، ويكتفي من مسرحية "شدّوني"!
اليوم بعد أن عاد إلياس إلى حزبه عليه أن يفكّر أكثر من مرة في مواجهة غريمه التقليدي عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، الذي سيسخّر كل السبل للقضاء عليه شخصيا والقضاء على "جراره" الذي نخره الصدأ ولم يكمل عشر سنين.
وبعد أن ارتاح من صداع رأس الحكومة، سيكون بنكيران شبه متفرّغ لـ"قزم" ضعيف، لا شرعية له ولا كلمة ولا عهد ولا ميثاق، يريد أن يتصرف في حزب كأنه أصل تجاري أو إرث عائلي يخرج منه متى شاء ويعود إليه متى شاء. والمشكل أن العماري لن يجد من يحمي ظهره غير من "يحتمون" أصلا ببقايا ظلاله، ويسعون في الوقت المناسب لإلصاق كل ما قدموا وأخروا به. إنهم يريدونه واجهة تُمسح فيها الأيدي وتوجه إليها التهم ويبقوا هم في مراتعهم إلى أن تأتي الريح الصرصر العاتية التي سوف تقتلعهم جميعهم من جذورهم.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00