موسى متروف
بعد أن ارتقى في مدارج السالكين، وبسرعة في معراج السلطة، وخرج من مرابعها كما لم تكن تشتهي مراكبه، لم يعد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، يمنّي النفس بولاية ثالثة فقط على رأس الحزب الإسلامي، بل يطمح أن يضعه أتباعُه في منزلة الولاية... وبدون أرقام وانتهى الكلام!
ألا يحبّ بنكيران أن يصف من يحبّهم أو من يريد للناس أن يقعوا في حبهم بـ"الأولياء"، ومثال ذلك موح الرجدالي، رئيس المجلس البلدي لتمارة، الذي أخذ يوما بيده ورفعها وقال لأنصاره، في مهرجان خطابي، "هذا وليّ من أولياء الله!"، كأن الماء انبجس من بين أصابعه أو انشق القمر له؟! فلماذا لا يرى في نفسه الأحقية للولاية ولو كره الكارهون وحسبه أن "أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"؟
وبنكيران منذ زمن "البلوكاج" وهو لا يكاد يغادر زاويته/بيته إلا إلى العمرة، أو إلى نشاط حزبي أو جنائزي، وهو دائم الارتداء لتلك "الفوقية" البيضاء البسيطة، في صورة أقرب إلى شيخ الجماعة "القطب الربّاني"، منه إلى صورة أمين عام حزب سياسي. ألم يحقق بنكيران "البوز" وهو يبتاع سروالا بسيطا من صاحب "فرّاشة" بسيط، ذات جمعة، بعد أن قُضيت الصلاة وانتشر الناس في الأرض ليبتغوا من فضل الله؟
وبعد أن استحالت الولاية الثانية على رأس الحكومة، ها هي الطريق صارت سيّاراً لبنكيران نحو الولاية الثالثة على رأس الحزب، الذي يوصف بأنه أكثر الأحزاب ديمقراطية. ومن المستبعد أن يكون للمؤتمرين، في نهاية العام، رأي مخالف لأغلبية أعضاء لجنة المساطر والأنظمة في المجلس الوطني (برلمان الحزب) الذي يرأسه "غريمه" سعد الدين العثماني.
ولن يكون هناك من متضرر غير العثماني، الذي سيصير "رهين المحبسين" بين سندان حزبه و"زعيمه الضرورة" بنكيران ومطرقة النافذين المتحكّمين في شؤون الحكومة والحكم والناس أجمعين في هذا البلد الأمين.
صحيحٌ أن العثماني قال، يوم الثلاثاء 17 أكتوبر في منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء، إنه لا علم له بكون الأمين العام لـ"البيجيدي" يسعى إلى ولاية ثالثة على رأس الحزب وأن "ذلك لا يضر في استمرار الحزب في رئاسة الحكومة وفي الحكومة، لأن هذا قرار حزبي وحتى الوزراء اختارهم الحزب بأسمائهم"، لكن رئيس الحكومة سيبقى، إن ظل رئيسا للحكومة، في الوضعية الحالية التي يتوّجب عليه فيها، كل مرّة، أن يلبّي نداء بنكيران إلى بيته كلما طلبه ليستفسره عن هذا التفصيل أو ذاك، في وصاية لا داعي لإنكارها.
والغريب في هذه الوضعية، أنها تجعل الحكومة كلّها رهينة "الجماعة"، و"شيخها"، وهو وضع يذكّر قليلا بأيام حكم الإخوان المسلمين في مصر، وهو أمر مشين لحكومة ائتلافية تتشكل من أحزاب تختلف مرجعياتها، وليس فقط من حزب إسلاميي المؤسسات، الذين كلما خطوا خطوة للتحول إلى حزب مدني حقيقي، عادوا خطوتين إلى الوراء بـ"تنزيه" الزعيم و"تزكيته" بهذه الطريقة التي لا تتساوق مع القرن الواحد والعشرين. والتي تعود، ليس بحزب العدالة والتنمية فقط، بل بالمغرب كلّه إلى زمن "الديناصورات السياسية" و"الزعامات التاريخية" والتي ظن ذوو النوايا الحسنة أنها مضت إلى غير رجعة.
لن يكون الخاسر من الولاية الثالثة لبنكيران أو "الولاية المطلقة" له على رأس حزبه إلا هذا الأخير الذي سيجد نفسه في موقع الصراع الدائم على موقع قدم في دائرة القرار، بما يفرض عليه ذلك من تحدي الحصول على الثقة "الغالية" للجالس على العرش، والتي تتطلب الوقت الطويل للحصول عليها، وقد تستغرق أقل منه بكثير لفقدانها!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00