موسى متروف
كان عبد الحق الخيام (أمس) الأربعاء فخورا، أولا، وهو يرحبّ بالصحافيين في قاعة المحاضرات التي تم افتتاحها بالمكتب المركزي للأبحاث القضائية بسلا، وثانيا، باستعراض جهود مكتبه "البسيج"، وهو يقتنص صيدا ثمينا، بتعاون مع المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني "الديستي"، وهو طُنّان و588 كيلوغراما من الكوكايين الخام، وهي كمية قياسية، وبنسبة تركيز قياسية وصلت إلى 93 في المائة، وبقيمة مالية قياسية أيضا، قدّرها بـ25 مليارا و850 مليونا بالدرهم و2,7 مليارا بالدولار!
وهذه النقطة الأخيرة، ربما والله أعلم، هي ما جعل الشيطان (ليبقى هو المسؤول الأوحد عن النازلة) يوسوس بالمحظور لـ"زميل صحافي" (حتى هذه أقول عنها "الله أعلم"، لأنه لم يقدّم لا نفسه ولا المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها، لكنني افترضت أنه صحفي، بحسن نيتي، لأنه طرح السؤال وهو لا يجوز في هذا المقام إلا للصحافيين، حيث يتولّى من ألفوا طرح الأسئلة أن يجيبوا عن الأسئلة، فسبحان الله، الذي يقلّب أحوال البشر من حال إلى حال، في وضع كنّا نحسبه من المُحال)!
المهم، أن صاحبنا سأل الخيام، وما أدراك ما الخيام، في عقر "داره" بمقر "البسيج"، وما أدراك ما "البسيج"، التابع لـ"الديستي"، وما أدراك ما "الديستي"، عن مآل المخدرات الصلبة المحجوزة، لأن المواطنين لايثقون، والعهدة عليه، في كون الدولة تُتلف المحجوزات، وأكّد أنه، هو نفسه، من ضمن هؤلاء المواطنين، حيث قال بصريح العبارة "وأنا منهم"!
تطلعت إلى الخيام وملامح وجهه وهو يستمع إلى السؤال، وتصوّرت أن "رجل الأمن" سينتصر على "رجل الاتصال" في شخصية الخيام، لكن ذلك لم يقع والحمد لله، فقد طرح سؤالا استنكاريا، حيث قال "ما فهمتش السؤال، واش زعما كنستغلّوه"، وزاد موضّحا أن لجنةً تشرف على الإتلاف تُمثَّل فيها الشرطة القضائية والنيابة العامة والجمارك ووزارة الصحة... المهم أفلت "الصحافي" من التأنيب، وكدت أقول أفلت من التأديب، لولا أنني تذكرت أن الزمن غير الزمن! والحمد لله على هذه المنن، لأنني أبقى صحافيا لا أقبل "بهدلة" صحفي، أو حتى من "يزعم" أنّه صحفي!
أنا أكره أن أقدّم الدروس لزملائي في المهنة، ولا أرضى ذلك لغيري أيضا، لكن تعلّمنا في المعهد العالي للإعلام والاتصال (المعهد العالي للصحافة سابقا) بالرباط، أن السؤال السيء يستجلب الجواب السيء، فاتقوا الله أيها المنتسبون إلى هذه المهنة التي أصبحت "اهْري قبّال"، يقبل كل "لهبال"!
أعود إلى مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية بسلا، الذي يبدو أن مهمّته الحالية أصبحت هي النطق بلسان جهاز عهدناه صامتا، وهو المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهذا في حدّ ذاته تطوّر، بعد التطور الأول الذي يتمثل في إخراج الجهاز إلى "النّور"، أو من السر إلى العلن، من إعطاء الصفة الضبطية للمدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني وولاة الأمن والمراقبين العامين للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها بهذه الإدارة، بمقتضى القانون رقم 11-35 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية، الذي دخل حيّز التنفيذ منذ 27 أكتوبر 2011، تاريخ نشره بالجريدة الرسمية؛ أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من إقرار الدستور الجديد...
ومن هذا المنطلق أتصوّر أن على الخيام أن يتواصل أكثر مع وسائل الإعلام المغربية الجادة، للإجابة على الأسئلة الحقيقية، في ظل هذه الفوضى التي تعرفها مهنة الصحافة التي عشقناها، وبين ليلة وضحاها، استحالت إلى فوضى غير خلاّقة، نتمناها غير دائمة. وبه الإعلام والسلام.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00