موسى متروف
خلال ثلاثة أيام غير مسبوقة، اطلع العديد من المغاربة، عن قرب، على تشكيلات الأمن الوطني، وتدريباته، وكلابه وخيوله وآلياته وأدواته، لمحاربة الجريمة وحفظ الأمن وتنظيم السير على الطرق.
ولا شك أن من قالت المديرية العامة للأمن الوطني إن عددهم وصل إلى 80 ألف زائر قد استمتعوا بما مجموعه 105 تمرينا وعرضا في تخصصات مختلفة، خصوصا تقنيات الدفاع الذاتي ورياضات فنون الحرب، والتناسق في عمل الدراجيات الشرطيات، وتقنيات حماية الشخصيات، وتمرين محاكاة للتدخل في الأزمات الأمنية الكبرى وتحرير الرهائن، وعروض مختلفة لشرطة الخيالة وفرقة الكلاب البوليسية والفرقة الموسيقية للأمن الوطني...
ولقد عاين كاتب هذه السطور مجموعة من العروض، وسمع حديث مجموعة من الفتيات كنّ إلى جانبه، وهن يعلّقن على حركات رجال أمن في كامل لياقتهم البدنية وهم يستعرضون تقنيات الدفاع الذاتي وحركات من فنون الحرب، ولم تتمالك إحداهن نفسها وهي تخاطب مرافقاتها بصوت عال "عْلاش ما كيديروش هاد الشي فالزنقة"؟!
طبعا، لو انتبهت هذه الفتاة للتعليق الذي يتردد من مكبرات الصوت، لعلمت أن الفرقة غير معمّمة على الصعيد الوطني، وهناك تفكير في ذلك!
في الواقع، لم يكن الجمهور كلّه من طينة الفتاة المذكورة آنفا، بل أغلبهم فغروا أفواههم إعجابا بما يجري من "عجب" أمامهم. ولاشك أن غيرهم قد استفاد قبل ذلك من ندوة الجريمة الإلكترونية أو غيرها من الندوات، فضلا عن الشروحات التي قدمها الأمنيون للزوار في الأروقة السبعة عشر.
لقد كانت الأبواب المفتوحة، الأولى من نوعها، فرصة لإزاحة الهالة التي كانت تكتنف الأمن الوطني، كما باقي الأجهزة الأمنية، من استخبارات ودرك وقوات مساعدة... ولربما تم تكسير جدار "الخوف" الذي مازال يتملّك من عاشوا سنوات طويلة تحت "المقاربة الأمنية" التي سادت حتى نهاية القرن المنصرم بالمملكة، مع انفلاتات هنا وهناك بعد ذلك، دون أن يكون ذلك سياسة ممنهجة للدولة، كما يقول مسؤولو هذه الأخيرة.
ربما ساهمت هذه الأيام في "بلورة مفهوم الشرطة المواطنة المجندة لخدمة أمن الوطن والمواطن"، كما هو الهدف المعلن لها، لكن الأكيد أنها أعطت صورة إيجابية للقوات الأمنية وتمثّلا ذهنيا في هذا المستوى لدى المواطنين الذين كان لهم الحظ في زيارة "الأبواب"، خصوصا مع إبرازها لمقاربة النوع، من خلال حضور وازن للشرطيات، عند متابعة عروض الدراجيات أو خلال استعراض طريقة حماية الشخصيات من طرفهن مع زملائهن الرجال...
لقد جاءت الأيام المفتوحة بعد الأحداث الأخيرة للحسيمة، والتي لم تخلّف صورة لامعة للأمن، فقد كانت هناك انزلاقات، محدودة على أي حال، بالمقارنة مع دول الجوار والبلدان السائرة في طريق الديمقراطية.
وفي هذا السياق، كان مؤثرا أن توزّع المديرية العامة للأمن الوطني مطوية تتضمن قائمة من "شهداء الواجب الوطني" من موظفي الشرطة، الذين قضوا نحبهم وهم يؤدون واجبهم، بين سنتي 2010 والسنة الجارية (2017).
لقد ضمنت اللائحة 43 شخصا من القوات الأمنية الذين خلّفوا وراءهم أبناء يتامى وأرامل وربما أفرادا آخرين من أسرهم كانوا يعيلونهم. ومن شأن مثل هذه المطوية أن تجعل بعض المواطنين يعون أن الأمنيين يقعون أحيانا ضحايا للإجرام، وهم بشر مثلهم يُصابون وقد يُقتلون، وقد لاتحميهم أسلحتهم من ذلك. وهذه صورة إنسانية أخرى قد "تبسّط" تمثّل الأمني لدى المواطن، الذي قد يكون له تمثلٌ "مركّب" جدا في هذا الشأن، بفعل أحداث تاريخية أو ممارسات فردية مشينة...
ومثل هذه "الأبواب"، إن تعددت في البلاد، من شأنها أن تسهم في إعادة بناء الثقة بين المغاربة وقواتهم الأمنية، حتى يدركوا جميعا أن غاية وجودها خدمتهم والسهر على أمنهم. وهذا لن يتحقق بالتمام والكمال، حتى يكون الأمنيون في الشارع العام وفي مقرات الشرطة "شبيهون"، إلى حد بعيد، بالشرطيات والشرطيين الذين كانوا دائمي الابتسامة في أروقة "الأبواب المفتوحة".
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00