موسى متروف
أخيرا، أخرج الساحر أرانبه المائة والعشرين من قُبّعته، لكن بعد حين، اختفت في السديم، وتبدّى أن الأمر لم يكن إلا وهما، أو حيلةً بصريةً، أو عدديةً، بالأحرى!
لقد بشّرتنا حكومة سعد الدين العثماني بأنها حقّقت 120 إنجازا في 120 يوما، وبسرعة البرق الذي غشي العُيون، فخرج وميضا انتهى إلى التلاشي بالسرعة التي دخل بها، وقعنا في شراك اللعبة، كأطفال صغار، سحرت عيوننا الأرقامُ التي تلمع كالذهب!
مائة وعشرون، رقم "دائري" يسهل "حفظه" في الذاكرة، خصوصا أنه رقم له رمزية كبيرة. أليس هو رقم السرعة القصوى على الطريق (السيار) في المغرب، حتى صارت تُضرب به الأمثال؟! وأي وقعٍ لرقم السرعة القصوى في بلاد تعرف حرب طُرق تخلّف آلاف القتلى في العام الواحد؟!
رقم "دائريٌّ" ينتهي بصفر، له رمزيةٌ وجارٍ على ألسن المغاربة، وإذا تمادينا في لعبة الحساب، وقسمنا رقم الإجراءات الـ120 على عدد الأيام الـ120، يكون الحاصل أن حكومة الدكتور العثماني أنجزت، في المتوسط، إجراء كلّ يوم!
هي "مقاديرٌ" تبدو مضبوطة لطبخة "تسويقية" (من التسويق؛ أي الترجمة المعتمدة لـ"الماركيتينگ") لمنتوج "باعته" لنا الحكومة و"ابتعناه" بقليل "شطارة"!
وبما أننا بصدد الحديث عن "التسويق"، فإن ما وقع كان له أثرُ "الإشهار الكاذب"، وهو ما يعطي الأثر العكسي، أو ما يسمّيه أهل علم النفس الاجتماعي (ويعرفه أهل الإشهار جيدا) بأثر "بومرانگ" (ذاك الشيء التي يشبه الزاوية القائمة، والذي يظهر كثيرا في قصة موگلي، بحيث كان يرميه ويعود إليه)...
صحيح أن الحصيلة تضمنت إجراءات مهمة من قبيل تفعيل بعض القوانين التي وُضعت في عهد حكومة عبد الإله بنكيران أو اعتماد قوانين جديدة، أو إجراءات اجتماعية سيكون لها أثر إيجابي من قبيل تمكين "بعض" متدربي التكوين المهني في الشعب التي تتطلب "الباكلوريا" من المنحة (أقول "بعض" لأن المنحة الجامعية ليست معمّمة أصلا)، لكن المثير هو أن تضم الإجراءات بعض الأشياء التي تقوم به الحكومات المتعاقبة أو من المفترض أن تقوم بها بـ"البداهة"، من قبيل الحوار الاجتماعي، لأنه ليس إنجازا في حد ذاته، بل الإنجاز هو ما يُسفر عنه وما يتم تحقيقه في أفق سلم اجتماعي....
والأكثر إثارة من ذلك أن يضمّ التعداد لقاءات تشاورية وإعداد خرائط وغير ذلك...
ألتمس للدكتور الرئيس 70 عذرا (ليس لأن لهذا الرقم سحرٌ، لكن فقط لأن الأمر يتعلق بأثر من تراثنا)، لأننا نعرف الظروف التي تشكّلت فيها حكومته بعد "بلوكاج" طويل، ولما تشكّلت كان لابد من الوقت لتظهر أولى النتائج المهمة، لكنني ألومه فقط على الضجة التي أُقيمت حول هذه "الحصيلة"، والطريقة التي قُدّمت بها، ولعلّه يراجع ذلك، لأننا نعلم، علم اليقين، أنه يريد تحقيق أشياء إيجابية لهذا البلد...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00