بلخير سلام
انطلقت البطولة "الاحترافية" لكرة القدم، في موسمها الجديد (2018/2017)، بإجراء جولتها الافتتاحية، على مدى الأيام الثلاثة (الجمعة والسبت والأحد)، من نهاية الأسبوع الحالي.
نعم، انطلقت البطولة الوطنية، لينطلق التباري بين الفرق واللاعبين والمدربين، وحتى المسيرين، وباقي المتدخلين في اللعبة الأكثر شعبية في المغرب، كما في معظم بلدان المعمور، وما يرافق كل ذلك وجميع هؤلاء من صخب الملاعب وهدير المدرجات، وما سيتخلل أطوار بطولتنا، كالعادة، من مصاريف مالية بالملايير من السنتيمات، وربما بالدراهم، ومن أحاديث هنا وهناك، ومشتقاتها التحفيزية و"الفائضية" و"العجزية"، وهلم جرا من تعاويذ وتخاريف، من شأنها أن تقودنا إلى طرح سؤال جوهري، وهو كالتالي: لأي شيء تصلح بطولتنا المسماة بـ"الاحترافية"؟!..
أجل، يحق لنا أن نعيد طرح التساؤل، مرات متكررة: "لأي شيء تصلح بطولتنا المسماة بـ"الاحترافية"؟!"، بالنظر إلى أهمية وواقعية السؤال الحارق، في ظل غياب لجواب شاف للغليل، بحكم أن هذه البطولة بحاجة إلى إصلاح، حتى تكون صالحة، وطالما أن هذه البطولة لا تفي بأهدافها المفترضة، خاصة من حيث واقع ضعف منتوجها الكروي، وعجزها عن إمداد المنتخبات الوطنية، بمختلف فئاتها العمرية، بلاعبين مميزين، وحتى "أشباه لاعبين جاهزين"، لاسيما أن المنتخب الوطني وجه من أوجه البلد، يفترض الإسهام في إشعاعه وتلميع صورته جهويا وقاريا ودوليا.
حتى لا نذهب بعيدا، ونعفي أنفسنا من النبش في ذاكرة السنوات الماضية الأخيرة، المتزامنة مع الألفية الثالثة على الأقل، يكفينا اقتصارا إجراء إطلالة خاطفة على المباراتين السابقتين للمنتخب الوطني أمام منتخب مالي، قبل بضعة أيام، ضمن تصفيات مونديال روسيا 2018، ونحاول تقديم مجرد إحصاء لـ"عدد اللاعبين المحليين المشاركين في اللقاءين المذكورين"، إن كان هناك، حقا، ما يستحق الإحصاء، لنجد حتما أن النتيجة تعادل الرقم السلبي "0"، بواقع عدم مشاركة أي لاعب من البطولة المحلية في هاتين المباراتين المذكورتين، كما سبق في عديد من المناسبات، تزامنا مع فترة تزيد عن عقد زمني ونصف عقد.
بالله عليكم، أليس هذا دليلا قاطعا على أن بطولتنا ليست منتجة، وبالتالي فهي تعيش وضعا شاذا وغير سليم، بالمرة؟؟.. ثم ألا يدعو هذا الواقع المعاش، بكل معاناته وحرقته، إلى أحقية طرح التساؤل: لأي شيء تصلح بطولتنا المسماة، تجاوزا، بـ"الاحترافية"؟!
على طول فترة سالفة تقارب الـ20 سنة، صار اللاعبون ذوو الجنسية المزدوجة في أوروبا هم من يشكلون المنتخب الوطني، دون جدوى، مقارنة مع سابق الفترات مع اللاعبين المحليين، آنذاك، بدليل أن تمثيلية المغرب في المونديال غابت لمدة 20 سنة بالتمام والكمال، وتحديدا منذ مونديال فرنسا 1998.
أمام كل هذه الاستنتاجات، لا ندري ما هو الداعي لتمادي الجامعات الملكية الكروية المتعاقبة في إغفال تطوير البطولة الوطنية، مقابل تبني منهج الاستنجاد المتوالي بما يطلق عليهم "لاعبون محترفون"، خاصة على عهد علي الفاسي الفهري، وخلفه الحالي فوزي لقجع، اللذين يبدوان كما لو أنهما اختارا إنهاء العمل بشيء اسمه "البطولة الوطنية"، مع أنهما معا يسميان هذا الشيء، حد الإصرار، بـ"البطولة الاحترافية"، علما أنها ليست كذلك، إطلاقا، وأظن أننا لسنا بحاجة إلى تقديم نصف تعليل، طالما أن الأمر واضح للعيان.
لا أريد هنا أن أتحدث عن عشرات الملايير التي تصرف سنويا على لعبة كرة القدم، لوحدها، دون نتائج تذكر، ولا جديد في سماء الحلم، سواء في غياب أي تطوير للبطولة المحلية، مع أن "التطور العام للكرة" يبدأ من هنا، أو سواء بخصوص فشل المسؤولين في تسويقها تلفزيونيا، علاوة على غياب تمثيلية حقيقية، إن على مستوى المنتخب الوطني، أو الفرق الوطنية، من خلال مشاركاتها الخارجية، مقارنة مع نظيراتها بالدول الإفريقية، وحتى العربية والمغاربية المجاورة لنا.
قد نقف عند هذا الحد، وقد نضيف أشياء أخرى، من أجل "تطوير بطولتنا وكرامة كرتنا وصورة وطننا"، أما إن استمر الحال على ما هو عليه، وفق مسلسل ممل بعناوين "انطلقت البطولة"، "انتهت البطولة"، "كفانا رؤى واستراتيجيات وتمثيليات"، فما علينا إلا نحيل الجمهور الرياضي على "بطولات الأحياء" لكي يستمتع، على الأقل، بـ"فرجة مجانية"، ونعفي جيبه من أي أداء مالي، كما نعفي خزينة الدولة من إهدار للمال العام، طالما أنه لا فرق بين "البطولة الوطنية" و"بطولة الأحياء".
هذا جزء من كل.. وذاك غيض من فيض، لكن على ما يبدو، فقد اتضح أن سؤالنا "لأي شيء تصلح بطولتنا؟" يبقى مشروعا، ويستمد مشروعيته من غياب رؤية بينة المعالم، وانعدام استراتيجية واضحة المرامي والأهداف، على نحو تفرض الضرورة أن يتسم بالعمل في العمق.. عمل يبدأ اليوم قبل الغد، من أجل التوجه نحو المستقبل.. المستقبل القريب، طبعا.. لا المدى البعيد، ولا حتى المتوسط.
وإلى ذلك، نتمنى أن نسحب، قريبا، هذا السؤال "لأي شيء تصلح بطولتنا؟.. ونستبدله بجواب ننتظره أن يكون هكذا: "نعم، تصلح بطولتنا لهذه الأسباب".
نتمنى ذلك..
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00