مصطفى أزوكاح
سارعت الجهة التي يعود إليها السهر على السلامة الصحية للمنتجات الغذائية إلى اقتراف توضيح مفتقد للبراهين التقنية المفحمة، التي يفترض أن تساق أمام أسر مغربية فوجئت بتعفن لحوم الأضاحي.
فقد جاءت توضيحات المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، عبر بلاغه أمس، واثقة وحاسمة. فاخضرار لون اللحوم أو تعفنها له "علاقة مباشرة بعدم احترام الشروط الصحية للذبح والسلخ والحفاظ على السقيطة في ظروف جيدة قبل تقطيعها وتخزينها عبر التبريد أو التجميد، ولا علاقة لها بحملات التلقيح التي يستفيد منها قطيع الأغنام أشهرا قبل يوم العيد".
لم يستفض توضيح ما إذا كان للاخضرار أو التعفن، علاقة بالأعلاف أو التلقيحات، بل شدد على أن سبب ما تشكتي منه أسر مغربية راجع إلى تلوث اللحوم بـ"بعض البكتيريا التي تتكاثر بسرعة مع ارتفاع درجة الحرارة".
وكي لا يعاتب المتضررون المكتب ومن أجل إخلاء مسؤوليته، ذكر بأنه قدم نصائح للمستهلك قبل العيد، يؤكد فيها "على أهمية احترام شروط النظافة والإسراع بتبريد الذبيحة أو تجميدها حسب الاحتياجات والعادات الاستهلاكية لكل أسرة".
يتجلى من رد المكتب أن سبب الاخضرار أو التعفن يعود لأسباب داخلية تتحملها الأسر المتضررة ولها علاقة بطريقة الذبح والسلخ والتبريد، مبديا حرصا كبيرا على تبرئة أي عنصر خارجي مثل التلقيحات أو الأعلاف من المسؤولية.
لكن السؤال البسيط: لماذا لم يظهر الاخضرار أو التعفن على اللحوم بهذه الحدة في سنوات سابقة، وإن أشار المكتب إلى حالات مماثلة حدثت في السابق؟ هل تغيرت طريقة الذبح والسلخ والتبريد؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، يتوجب على المكتب التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري أن يقدم توضيحات مستفيضة.
لا يجب على المكتب أن يبخل على الأسر المتضررة، بالتوضيحات التقنية الواجبة من أجل طمأنتها على صحتها، إذا كان مطمئنا للرأي الذي عبرعنه، كما يفترض فيه أن يستحضر أن أسرا -من بين أفرادها من قد لا يستهلكون اللحوم الحمراء-، بذلت المال من أجل الأضحية وقد تكون اقترضت تحرم وأبناءها من فرحة العيد.
وإذا كان المكتب يبريء الأعلاف والتلقيحات والأدوية التسبب في الاخضرار والتعفن الذي زحف على لحوم الأضاحي، فإنه لن يكلفه كثيرا نشر تقرير حول طبيعة تلك الأعلاف والأدوية والتلقيحات ومكوناتها.
والسؤال الذي يتوجب على المكتب أن يجيب عليها هو كالتالي: هل يمكنه أن يؤكد أن جميع الأعلاف سليمة وجميع الأدوية المستوردة تخضع للمراقبة؟
قد يرد المكتب بأن الاخضرار والتعفن لم يظهران على اللحوم في الأيام العادية. هذا ممكن، لكن قد يجيب شخص من العارفين بسوق الأضاحي والذي قد يشك في تورط الأعلاف أو الأدوية، بأنه ليس من مصلحة من يتلاعب أن يقوم بذلك مع الجزارين، حيث يعلم أن سيفقد زبناء يتعاملون معه طيلة العام.. فهو سيحرص على ضمان وفائهم، بينما لا يأبه للأسر التي لا تقبل عليه سوى بمناسبة العيد.
صحيح أن لحوم العيد تمثل 41 في المائة من استهلاك المغاربة للحوم الحمراء، ضحيح أنه يبذلون من أجل ذلك، عبر ادخاراتهم أو الاقتراض، حوالي عشرة ملايير دولار، غير أن الأهم، هو أن يطمئن المستهلك على صحته بلغة واضحة وصريحة، وإذا كانت فيها القليل من البراهين التقنية، فإن ذلك لن يكلف المكتب شيئا.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00