موسى متروف
يُحكى أن أسدا جريحا كان موته محتوما، وعندما مرّ بالقرب منه ثعلب طلب منه الأسد أن يعالجه وأغراه بجملة من الوعود، ولكن بعد أن شُفي الأسد الجريح، فكّر في الافتراس، على طبيعته، لكنه، وربما لأسباب تتعلق بالنقاهة، فكّر في أسهل هدف، وهو الثعلب الطبيب!
يمكن إسقاط القصة تجاوزا، وعلى سبيل التشبيه، على وضع عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، خصوصا أن الرجل متح طويلا من قاموس الحيوانات... لكن لا أريد أن يذهب فكر القارئ مباشرة إلى أنني قصدت رئيس الحكومة الحالي ورئيس المجلس الوطني لـ"البيجيدي) سعد الدين العثماني بوصف "الثعلب الطبيب" (على اعتبار أنه طبيب)، لأنني لم أقصده هو بعينه، بل كلَّ من يمكن أن يكون عونا لـ"الأسد المريض" مقابل "وعود" ما!
لقد ملأ بنكيران الدنيا وشغل الناس فعلا، لأنه، أولا، "ظاهرة صوتية"، قبل أن يكون شيئا آخر؛ حيث واجه من واجه بلسان سليط، وبلغة يفهمها كل المغاربة، ولأنه، ثانيا، "تجرأ" على ملفات شائكة كالمقاصة والتقاعد... وهو الآن "أسد جريح" يلعق جراحه، في منظر مأساوي، غير قابل للتشفّي من طرف "الأعداء"، قبل "الإخوان"... لكن ماذا لو هرع بعض هؤلاء لطلب "العلاج" له؟ هل سيأمنون إن منحوه، وبشكل واضح، ولاية ثالثة على رأس حزبهم أن "يموتوا" (رمزيا) هُم مقابل "منح" الحياة له؟!
لقد "هيمنت" شخصية بنكيران على حزب إسلاميي المؤسسات، حتى صار في وقت من الأوقات، من الصعب التمييز بينهما، بل تلاشى الحزب خلف زعيمه كالغابة التي تخفيها شجرة واحدة!
صحيح أن أمجاد "البيجيدي" الانتخابية تحققت بفضل زعيمه و"كارزميته"، لكن ذلك لا يمنع من كونه يشكل "خطرا" على الحزب ذاته أو على الأقل "عقبة" في وجهه، عليه "اقتحامها"، من منطق أن المؤسسات أكبر من الأشخاص، وأنه لا يجب أن يكون هناك شخص "ضروري"، في هذا النسق، مهما كبُر شأنه.
أقول بهذا المنطق لأن حزب "المصباح" يريد أن يتميز عن غيره، بكونه يبعث "نور" الديمقراطية الداخلية، ولذلك يجب أن يعطي المثال في احترام القوانين الداخلية وعدم إعادة سيناريوهات "الزعماء الضرورات" (الذين يُبيحون المحظورات) في التاريخ الحزبي المغربي.
يبدو أن الموت (السياسي) المحتوم لبنكيران لا مفرّ منه، لكن يجب "إكرام الميت" (بالمعنى الرمزي مرة أخرى)، كما تقتضي أخلاق المسلمين (كانوا إسلاميين أو غير ذلك)، وهو ما يقتضي استبعاد أي "شبح" لولاية ثالثة على رأس "البيجيدي" من جهة، والتفكير في "رد الاعتبار" لبنكيران من خلال ضمان مخرج محترم ومقبول من "الورطة" الحالية.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00