عزيز بوستة
لانتخلص أبدا من السلطة، بل نسقط في إغرائها.السلطة مجلبة لنشوة كبيرة، حتى للرجال والنساء الأكثر تعففا وتحصنا بالفضيلة. وعندما نصل مرحلة النشوة، نفقد القدرة على حسن التقدير.
هذا هو حال عبد الإله بنكيران، الرجل الذي عرف كيف يرفع حزبه عاليا، وعرف كيف يحافظ عليه في القمة، لكنه يجد صعوبة كبيرة، اليوم، في تسليم المشعل، وترك مكانه للآخرين.
لم ينتظر مائة يوم بعد إعفائه، قبل أن يخرج الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عن صمته، والعودة بقوة وتذكير الجميع بحضوره، وأنه عاقد العزم على البقاء، وإن اقتضى ذلك تطويع القانون والقواعد بالعدالة والتنمية لتطلعاته.
الرجل يرى أن له رسالة وطنية، ويشعر بأنه يحظى بشعبية طافحة، تتجاوز بكثير ال1.6 مليون ناخب الذين صوتوا لحزبه في السابع من أكتوبر الماضي.
يقول" إذا كانت قبلت إعفائي، فإن المجتمع لم يقبل ذلك" هكذا تحدث لإخوته أخيرا، مؤكدا أن العديد من الأشخاص طلبوا منه عدم التراجع، والمقاومة… مقاومة ماذا؟ ..هل يعني مقاومة قرار ملكي، رغم تأكيده على أن الملكية غير قابلة للتفاوض؟… هل سيقاوم الدستور،الذي في غموضه المحسوب بإتقان ،يفتح الباب أمام قراءات عدة من أجل الخروج من أزمة سياسية ومؤسساتية.
يقول الأمين العام للعدالة والتنمية " أنا رئيس حزب في نهاية مسار، إلا إذا حدث ما لم يكن في الحسبان.." تاركا الباب مفتوحا لعودة قوية غير متوقعة.
بينما يعود بنكيران بقوة، بعدما جمد لشهور أجهزة الحرب،وكبل حرة قادته. وبعدما جرد من داعمين المعتادين (الرميد، يتيم،الخلفي،والداودي وآخرين)،ورفض الدعوة لانعقاد الأمانة العامة لمدة شهرين، خطرت له فكرة تدعيم هذا الجهاز الذي كان يوجد فيه في وضع الأقلية، بينما الأغلبية تميل جهة سعد الدين العثماني.
وعبر مغازلة جامع المعتصم، مدير ديوانه السابق، ومحمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وعبد العزيز العماري، مريده،عمدة الدار البيضاء، الذي لا يكف بنكيران عن التنويه به، يسعى رئيس العدالة والتنمية إلى التموقع من أجل بث روح جيدة في مساره الذي يوجد في أمتاره الأخير، وقد يتطلع، بدون شك، إلى تغيير القانون الأساسي للحزب، كي يتاح له السعي لتولى ولاية ثالثة.
يذهب مقرب من العثماني،إلى أن رئيس الحكومة الجديد، قبل دخول الاتحاد الاشتراكي ،سبب البلوكاج في عهد بنكيران ،من أجل تفادي الدخول في المجهول المؤسساتي. يوضح ذات المصدر " لو أمعنا في رفض انضمام الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة، في أي حال سنكون؟. لماذا كل هذا؟ من أجل الحفاظ على بنكيران في الحكومة".
والآن، بعد تشكيل الحكومة، وبينما يقاس ضغط المغرب في الحسيمة، ينفرد بنكيران بالحزب، وينظم فيه انقلابا بغية الحصول على ولاية ثالثة مرغوبة لديه بقوة. والحال أن حصوله على ولاية ثالثة، سيفضى زعزعة الحكومية و المغامرة بمستقبل ومسار مؤسسات العدالة والتنمية.
لكن مادام بنكيران سعيدا، كما قد يقول المقربون منه وأصدقاؤه وداعموه، فإن كل شيء على ما يرام. هل هذا صحيح؟ بالطبع لا، لأنه عبر الإلحاح و التآمر والوقوف خلف مناورات من أجل الحصول على ولاية ثالية، لا يتميز بنكيران عن رؤساء الأحزاب الأخرى الخالدين، الذين لا تبدو لهم الحياة عادية خارج الرئاسة، بعد أن يكونوا قد ذاقوا نشوة السلطة.
لعب رئيس الحكومة السابق ودورا مهما في بناء الديمقراطية المغربية الشابة جدا، وساهم في بروز حزب سياسي حقيقي. ومن المؤسف أن يحرص على البقاء على رأس الحزب طويلا. خصمه الأبدي، سعد الدين العثماني، كان قبل التواري إلى الخلف في 2008، بعدما هزمه بنكيران، هذا الأخير سبق له أن قال وشدد، وأمعن في توضيح أن رئيس الحكومة يجب أن يكون، كذلك، رئيسا للحزب.
لننتظر المجلس الوطني الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، في نهاية الأسبوع الجاري، كي يتجلى لنا ما إذا كان بنكيران رجل دولة أم مغامر باحث عن الأضواء.
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00