موسى متروف
الحبيب المالكي هو "حبيب" النواب الذين صوتوا عليه رئيسا لمجلسهم، قبل أن تتشكل الحكومة وتتضح معالم أغلبيتها. المالكي هو "حبيب" إفريقيا التي عجّل اتحادها وانضمام المملكة إليه بتبوّئه ثالث منصب في البلاد، بعد الملك ورئيس الحكومة، من الناحية البروتوكولية طبعا... وأخيرا المالكي هو "حبيب" الاتحاديين الذين لم ينافسوه على رئاسة برلمانهم (المجلس الوطني)، إنه "حبيب الجماهير"، ولولا أننا نعلم أن الموسيقار عبد الوهاب الدكالي تغنى بالراحل الحسن الثاني، بهذا الوصف، لقلنا إنه يعني الرجل الثاني في "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، الحزب الذي كاد يحتكر في ما مضى صيغة "الجماهير الشعبية"!
غريب ما آل إليه الحال في حزب عبد الرحيم بوعبيد؛ حيث مرشحٌ وحيدٌ على رأس الحزب لخلافة نفسه، ومرشح فريد على رأس "برلمانه" لخلافة نفسه أيضا، فهل أصابه العقم حتى إنه لم يعد يستطيع أن "يخلّف" غير هذين الرجلين، رغم تكاؤل صورتيهما، منذ أن عانقا الكراسي ولم يعودا قادرين على "الفطام" منهما!
إدريس لشگر يريد أن يكون إدريس الأول والأخير، كأنه ستالين زمانه، رغم أن الزمن تغير؛ فلا الرهبة مستمرة في تملّك النفوس، ولا "الكاريزما" تضبّب الرؤية، ولا الحصيلة تُغري بتلمّس الاستمرارية، إنها فقط "الزّْعامة"، ليس بالمعنى الفصيح، ولكن بالمعنى الدارج الذي يفترض "جبهة" عريضة، قادرة على "المجابهة" بكل الوسائل للوصول إلى هدف واحد؛ هو "الاستدامة"، في إطار مبدأ منحوت من شعار "الوقت"، وهو "التغيير داخل الاستمرارية"!
"جبهة الزّْعامة" تبرّر الشيء ونقيضه، بل تجمعهما، في "جدلية" لايعرف "سراديبها" الفلسفية غير لشگر و"صنوه" المالكي!
المالكي ابن أبي الجعد، (استعمال كلمة "ابن" يأتي تجاوزا لأن عمره 71 سنة)، مدينة أبي عبيد الله الشرقي، الذي قيل إنه ساكَنَ "الذئاب" (من كنيات الذئب "أبوجعدة") في غابة توجد في أطرافها أضرحة أبنائه حاليا...
المالكي، سليل الزاوية الشرقاوية، حاول أيضا أن يساكن الذئاب ويهادنهم، لكنها ذئاب بشرية، على رأسها رجل ليس كالرجال وفي زمن غير الزمن؛ إنه إدريس البصري، ابن الشاوية القوي الذي مد يده لابن ورديغة وتعاونا معا، للعثور لابن "جعيدان" على مكان تحت الشمس الرباطية، بالقرب من الراحل الحسن الثاني...
وبين عشية وضحاها، أصبح "الحبيب" أمينا عاما للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، في 12 نونبر 1990، ومنذ ذلك الحين ازداد الحبيب شبابا، ولم يعد يلتفت إلا إلى المستقبل!
وفي "حرْكة" تشغيل كانت أداتها وزارة الداخلية، انطلقت فوضى التوظيف تحت رعاية البصري والمالكي، لم يقم أحد بـ"تقييمها" أو "تقويمها" حتى الآن! المهم أن الرجل وجد لنفسه "موطء قدم" بين النخبة الرباطية، حيث أصبح بعد عامين من التعيين الأول (المجلس الوطني للشباب والمستقبل الذي انقرض فجأة)، عضوا بأكاديمية المملكة، في الوقت الذي كان حزبه "الاتحاد الاشتراكي" يصارع إلى جانب "القوات الشعبية" في المعارضة، داخل البرلمان وخارجه!
معارضة لم تستمر طويلا، حيث تنفس الرجل الصعداء عندما قبل حزبه المشاركة في ما يسمى بـ"التناوب التوافقي" وأصبح هو وزيرا للفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، قبل أن يعود إلى الحكومة في 2002 (في عهد الملك محمد السادس) وزيرا للتربية الوطنية والشباب (مرة أخرى يعانق "قضايا" الشباب)، ثم وزيرا للتربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، وبقية القصة معروفة، بما فيها من "مرارة" الشوكولاته السوداء...
والملاحظ أنه كلّما قيل إنه انتهى عاد لينبعث كالعنقاء، أكثر شبابا، بشعر رأس أسود فاحم، وها هو الآن يشهر "مطرقته" من أعلى منصة "برلمان الشعب"، إضافة إلى منصة "برلمان الحزب"، التي عاد إليها، والعهدة على لشگر، بعد أن تمت "عملية الفرز إلكترونيا لأول مرة في تاريخ الحزب"، كأن الفرز بين المالكي والمالكي يتطلب ذكاء اصطناعيا!
وإذا شئنا "التركيب"، فنجد جَمْع لشگر مضافا إليه المالكي يعطينا ما يشبه تركيبة "اثنان في واحد"؛ أحدهما يشبه "الشمبوان" والآخر "مرطّب الشعر"، لكن السؤال يبقى هو هل تبقّى في رأس هذا الحزب من شَعر؟!
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00