موسى متروف
قلتم اليوم، السيد رئيس الحكومة، في مستهل اجتماع مجلس الحكومة، بأنكم تتابعون حراك الريف بالطريقة الملائمة. وهذه عندكم، وحسب كلمتكم المسجلة، تعني نزول بعض الوزراء إلى الحسيمة، وتوجيهات للوزراء المعنيين بتتبع المشاريع بفعالية، واجتماعاتكم مع وزير أو وزيرين، ومنها اجتماعكم بوزير العدل محمد أوجار ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، وطلبكم لهما باحترام حقوق الإنسان واحترام حقوق المتهمين....
هل هذه هي الطريقة الملائمة؟
أيها الدكتور سعد العثماني، أنتم رجل معروف بدماثة الخلق، وبوزن الكلمات بميزان الذهب، وبتحكيم عقلكم، لكن "الطريقة الملائمة" تعني أن غيرها ليس ملائما.
فهل ذهابكم، شخصيا، مع الوزراء الذين زاروا الحسيمة، ليس ملائما؟ هل خروجكم للحديث عن ما وقع ليس ملائما؟
وهل إخراج بلاغ الأغلبية الحكومية الأول، من بيتكم، حول حراك الريف الذي يتحدث عن الانفصال وما إليه من كلمات خفيفة على لسانكم، ثقيلة على القلوب والمشاعر في منطقة تعرف احتقانا كبيرا منذ سبعة أشهر ملائما؟
وهل تراجعكم عن البلاغ السيء الذكر، وحتى اعتذاركم عنه، ليس ملائما؟
السيد رئيس الحكومة، لقد أخرجتم، كأغلبية حكومية، بلاغا ثانيا حول الأحداث، لم يحاول جبر ما انكسر، ولا أشار إلى أي إجراء من شأنه أن يساهم في بناء الثقة من جديد بين الدولة وبين أبناء الريف. وهل كان ذلك ملائما؟
منذ زمان، كنا نسمع، يا دكتور، أن الدولة عندما تفكر في شيء، يحضر هاجس مزدوج، وهو أن تتوفر المشروعية والملاءمة في كل قرار.
ولقد رأينا، كيف أن الملاءمة لم تكن دائما حاضرة في هذا الملف الشائك، الذي لا نحاول إطلاقا تبسيطه، فهل حضرت المشروعية لديكم؟
المشروعية يمثلها رئيس الدولة، بمشروعيته الدينية والتاريخية، وتمثلونها في وجهها "الانتخابي" أنتم كحكومة، مشكّلة من أحزاب حازت ما حازت من أصوات في الانتخابات، فكان عليكم أن تفعّلوا هذه المشروعية لمخاطبة سكان الريف، ليس عبر البلاغات النارية، ولا "الطلات" التلفزيونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، بل بمخاطبتهم مباشرة وفي مدينتهم التي لا تنام، وكان من باب أولى أن يتم عبر "قادة" الحراك وليس المنتخبين فقط...
أما وقد وقع ما وقع، وخرج البلاغ الناري، وأُلقيت الخطبة المنبرية النارية، وانفجرت الأوضاع، واعتُقل من اعتقل، فهل من الملائم ومن المشروع أن يتم الاكتفاء بالتذكير بـ"تفاعلكم الإيجابي"، وبتوصياتكم باحترام حقوق الإنسان وحقوق المتهمين، "إن كان هناك متهمون"، كما قلتم، وأنتم تعلمون عدد المعتقلين وبلاغات الوكيل العام للملك بالحسيمة واضحة في هذا الشأن؟
ما الذي يمنعكم أنتم يا رئيس الحكومة أن تزوروا المدينة المنكوبة، وتقفوا على ما وقع وما أُنجز وما لم يُنجز، وتحاولوا، ما استطعتم إلى ذلك سبيلا، أن تنقذوا ماء وجهكم، وتعيدوا الاعتبار للسكان وتحاولوا إعادة بناء الثقة بينهم وبين الدولة، لعل الجراح تندمل....
قد يكون الوقت تأخر كثيرا، لكن هل فات الأوان؟
بإمكانكم أن تحاولوا الآن "الإصلاح ما استطعتم"، وقد تفشلون في ذلك، لكن شرف المحاولة خير من انتظار الأسوأ.
وكما قال الشاعر السوري الراحل عمر أبو ريشة:
شرف الوثبة أن ترضى العلى غُـلِب الـواثبُ أم لـم يُغلبِ
وطبعا، كل يوم تأخير تزداد فيه الأحوال سوءا وتعقيدا، إلى أن يصبح الأمر أكثر صعوبة...
05 janvier 2024 - 12:00
19 décembre 2023 - 12:00
18 novembre 2023 - 20:00
18 septembre 2023 - 20:00
19 juillet 2023 - 10:00
07 novembre 2024 - 12:00