في ظل تزايد العمليات الإرهابية بشوارع عدد من المدن الغربية، يجري النقاش حول تقنين حيازة السلاح لدى الأشخاص العاديين، في هذا الصدد دار نقاش جاد بالولايات المتحدة الأمريكية غداة مذبحة "لاس فيغاس" التي نفذها مواطن أمريكي وخلفت 59 قتيلا وإصابة أزيد من 500 آخرين، باستعمال سلاح ناري.
مذبحة "لاس فييغاس" تعيد فتح النقاش حول حيازة السلاح بأمريكا
في هذا الوقت اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعقيبا على ذلك النقاش، أن الوقت ليس مناسبا لنقاش سياسي بشأن الضوابط الخاصة بحيازة السلاح. وسئل ترامب، عما إذا كان سيجرى هذا النقاش في أي وقت فأجاب ترامب "ربما سيحدث ذلك" لكنه أضاف "ليس الآن".
هذا النقاش وإن بدا محتشما في البداية، إلا أن عددا كبيرا من وسائل الإعلام داخل مختلف البلدان الغربية، حاولوا فتح نقاش جدي حول الموضوع، وكذا حول مدى نجاعة إقرار قوانين جديدة تحد من حيازة السلاح لدى الأشخاص العاديين، في الحد من تزايد حجم القتل باستعمال الأسلحة النارية.
وعلى إثر هذه الحادثة الدموية لـ"لاس فيغاس" في الولايات المتحدة الأمريكية، سلطت جريدة "الغارديان" الأضواء على أرقام حيازة السلاح في أمريكا، بحيث تعتبر الدولة الأولى في العالم من حيث حيازة المدنيين للسلاح، في ظل غياب التشريعات التي تحظر امتلاكه بالبلاد.
كما أنها تتكبد أكبر عدد من الضحايا، الذين يسقطون جراء استخدام تلك الأسلحة بشكل أو بآخر، حسب دراسة تعود لعام 2014 منشورة في مجلة "جورنال أوف كريمينال جاستيسز".
وأفادت إحصائيات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة بشأن المخدرات والجريمة، في تقريره السنوي لعام 2012، بأن معدل حيازة السلاح بالنسبة لعدد السكان في الولايات المتحدة يصل إلى 88 قطعة سلاح لكل 100 شخص. وأوضح التقرير أن هذه هي أكبر نسبة في العالم، مشيرا إلى أن اليمن تأتي في المرتبة الثانية بنسبة 54.8 قطعة سلاح لكل 100 شخص.
إلى جانب ذلك يلقى 11 ألف شخص مصرعهم سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية جراء حيازة السلاح، وفق تقرير صدر عام 2016، عن كل من مجلس السلامة الوطني، والمركز الوطني للإحصاءات الصحية، بشأن أسباب الوفاة في الولايات المتحدة، لعام 2014.
ويصل متوسط عدد الأشخاص الذين يتعرضون لإطلاق النار سنويا في البلاد، إلى 100 ألف شخص، بحسب دراسة نشرتها مجلة "جورنال هيلث أفيرز". كما تزيد احتمالات مصرع الأمريكيين بأسلحة نارية، بمقدار 25 مرة، مقارنة ببقية الدول المتقدمة، بحسب مطالبين بتقنين حيازة السلاح.
إلى ذلك، تشير إحصائيات صادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI"، إلى أن هناك 70 في المائة من جرائم القتل في الولايات المتحدة تتم بأسلحة نارية. كما تفيد الإحصائيات بأن هناك زيادة بنسبة 71 في المائة في عدد المسدسات النارية بالبلاد منذ عام 1994، وزيادة بنسبة 38 في المائة في عدد الأسلحة النارية بشكل عام منذ ذلك العام.
من جهة أخرى، تتكبد المستشفيات نفقات تصل إلى 2.8 مليار دولار سنويا لعلاج ضحايا إطلاق النار في البلاد، حسب دراسة مشتركة بين جامعتي هارفارد ونورث إيسترن الأمريكيتين.
ماذا عن المغرب؟
إذا ما كان الوضع على هذا الشكل في الولايات المتحدة الأمريكية، فماذا عن المغرب؟ على مستوى المغرب، لا يأخذ النقاش كل هذه الأبعاد، ذلك أن حيازة السلاح والمتاجرة فيه، تقتضي احترام عدد من الضوابط، التي تجعل من حمل السلاح في المغرب مقتصرا على عدد محدود من الهيئات، كما أن حيازته من طرف الأشخاص العاديين غير متاح بالشكل السهل.
لكن من هم المرخص لهم بحمل وحيازة السلاح بالمغرب؟ للجواب على هذا السؤال ينبغي العودة إلى القوانين المنظمة لهذه العملية بالمغرب، وهي القوانين التي تبقى محدودة جدا وتقتصر على ظهير صادر بتاريخ 31 مارس من سنة 1937، إضافة إلى الفصل الأول من ظهير صادر بتاريخ 2 شتنبر من سنة 1958، ناهيك عن الظهير الشريف رقم 1.02.297 صادر في 25 من رجب 1423 الموافق لـ3 أكتوبر 2002، القاضي بتنفيذ القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي (المادة 49)، وكذا الفصل 114 من قانون المسطرة الجنائية المغربي التي تجرم القيام بخطوات ملموسة لارتكاب جريمة سواء تم تنفيذها أم لا. ويمنح الفصل الثاني من الظهير الصادر عام 1958 المحاكم العسكرية حق محاكمة أي فرد متهم بحيازة غير مرخص بها لأي نوع من أنواع الأسلحة، وينص على عقوبة السجن تتراوح بين خمسة أعوام و 20 عاما.
ومن أجل حيازة السلاح "الخفي" يجب تنفيذ مسطرة مضبوطة، ويقصد بالسلاح الخفي أو غير الظاهر، تلك الأسلحة التي يرخص باستعمالها من قبل بعض المسؤولين في مواقع حساسة، في الأمن والقضاء والخارجية والداخلية والاستعلامات وبعض الشخصيات المهمة، والتي يمكن أن يرخص بحملها للحراس الشخصيين لهؤلاء المسؤولين، حيث تخضع إلى عدد من الشروط، وهي تختلف عن الأسلحة الوظيفية التي يستعملها رجال الأمن والدرك الملكي والجمارك والبحرية والقياد ورؤساء فرق بالقوات المساعدة.
ويتلخص طلب حيازة هذا السلاح، في تحرير طلب على ورق متنبر، وتقديم نسخة من شهادة السوابق أو نسخة من السجل العدلي، وأربعة صور فوتوغرافية، ونسخة من عقد الازدياد، ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية، ووعد بالبيع مسلم من طرف تاجر الأسلحة. ويتم تسليم الطلب والوثائق المطلوبة لانجاز المسطرة، إضافة إلى رسم جبائي في حدود 200 درهم، إلى السلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا، على أن يتم التوجه بعد إتمام المسطرة إلى مصالح الأمن المختصة ترابيا، فيما لا تتجاوز مدة دراسة الملف 10 إلى 15 يوما. ويمر الملف عبر مجموعة من المصالح الإدارية المكلفة بإنجاز المسطرة، والتي تنطلق من السلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا إلى المديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، وكذا الإدارة العامة للأمن الوطني، خصوصا على مستوى مديرية الاستعلامات العامة والتقنين أو مصالح الدرك الملكي.
أما على مستوى الراغبين في الحصول على رخصة الاتجار في الأسلحة والعتاد، فإن الوثائق المطلوبة لإنجاز المسطرة تتشكل من طلب موجه للمدير العام للأمن الوطني، وتصريح خطي بالالتزام بالمقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالأسلحة والعتاد، إضافة إلى تصميم المحل التجاري ونسخة من شهادة السوابق وأربع صور فوتوغرافية ونسخة من عقد الازدياد إلى جانب شهادة الملكية أو عقد كراء المحل التجاري، إضافة إلى وصل بإيداع مبلغ 300 درهم بالخزينة العامة للمملكة.
ويسلم الطلب والوثائق المطلوبة إلى السلطة الإدارية المحلية المختصة ترابيا، قبل تحويله إلى المديرية العامة للشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، وكذا التوجه فيما بعد إلى مديرية الاستعلامات العامة والتقنين التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، على أن المصالح الخارجية للأمن المختصة ترابيا ستتكلف بتقديم الخدمة المطلوبة بعد إتمام المسطرة، في غضون 30 يوما.
20 décembre 2023 - 20:00