مع اقتراب موعد الإعلان عن هوية الملف الفائز بشرف تنظيم مونديال 2026، على بعد ثلاثة أشهر ونصف شهر، يبدأ العد العكسي لمختلف القراءات بخصوص مدى حظوظ المتنافسين على كسب التحدي، ونقاط القوة والضعف لدى الملفين، في إطار السباق نحو الرهان، بين الملف المغربي ونظيره الأمريكي الثلاثي المشترك.
وفي سياق التنافس المفتوح حول الظفر باحتضان مونديال 2026، يقتضي الواقع طرح مجموعة من التساؤلات حول مدى طبائع نقاط القوة التي يتوفر عليها "الملف الأمريكي الثلاثي المشترك"، في ظل التطرق سابقا إلى مثيلتها بخصوص "الملف المغربي"، وأفق متطلباته ورهاناته لتشكيل منافس حقيقي، وفق طموحات الرأي العام المغربي.
وموازاة مع تفاؤل المغاربة بـ"إحراز نتيجة إيجابية" في امتحان يوم 13 يونيو المقبل بالعاصمة الروسية موسكو، فإن الوقائع والمعطيات تفرض علينا جميعا الإقرار بأن المغرب سيكون في اختبار صعب، وهو ينافس ملف ترشح "الحلفاء الأمريكيين الثلاثة رياضيا"، في شخص كل من الولايات المتحدة الأمركية والمكسيك وكندا، بالنظر إلى ما تتوفر عليه هذه الدول من بنيات تحتية، على تعددها وتنوعها، وفي كامل الجاهزية، فضلا عن جوانب أخرى تتعلق بما هو لوجستيكي واقتصادي، وما تخللها من "ضمانات" وضعها الملف الأمريكي الثلاثي في صيغة إغراءات لجهاز "الفيفا" ومن يدور في فلكه، دون إغفال ما هو مرتبط بـ"النفوذ" و"الضغوط" ومشتقاتها.
وإذا كانت الدورة الـ25 لنهائيات كأس العالم، التي تشكل محور تنافس مغربي أمريكي، بمثابة نسخة استثنائية، مقارنة مع ما سبقها من نسخ، بحكم رفع عدد المنتخبات المزمع أن تشارك فيها من 32 إلى 48 منتخبا، وما يعنيه ذلك من إجراء 80 مباراة، ومن زيادة في المدن والملاعب، كما باقي البنيات والمنشآت الضرورية، فإن الملف الأمريكي أبدى استعداد 32 مدينة للحدث، بدلا من الـ12 المطلوبة، كما أعلن أن الولايات المتحدة جاهزة لاستقبال 60 مباراة، على أن تقام 10 مباريات بكندا و10 بالمكسيك، علما أن أمريكا والمكسيك تتوفران على الخبرة الكافية في التنظيم، بدليل استضافة الأولى لدورة 1994، وتنظيم الثانية لدورتي 1970 و1986.
ولم تقتصر الدول الثلاث، أمريكا وكندا والمكسيك، على هذا المنوال المرتبط بتوفرها على كل المؤهلات التي يتطلبها دفتر تحملات "الفيفا"، بل إنها قدمت ضمانات قوية بشأن جاهزيتها على مستوى الملاعب والمنشآت المخصصة لإقامة المنتخبات والحكام، والفنادق والمطارات وشبكة المواصلات، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والقدرات المعلوماتية، ومراكز البث التلفزيوني، وغيرها؛
وضمن الضمانات الأمريكية، دائما، فقد تعهدت اللجنة المشتركة، أيضا، بكون ملفها يعتمد بالأساس على الدعم الحكومي إزاء لجنة الترشح في قضايا، من قبيل تأشيرة فرق كرة القدم، والمزايا الضريبية للفيفا، وتجسيد أفضل لاحترام حقوق الإنسان على أرض الواقع، فضلا عن التزامها بتوفير الظروف المرتبطة بالجانب الاقتصادي، مثل عدم التدخل في عملية بيع التذاكر وبيع حقوق البث التلفزيوني، واستراتيجية التسويق، بالإضافة إلى ضمانات أخرى، تبدو مربحة ومغرية بالنسبة إلى جهاز الفيفا، أملا في إحراز التفوق على حساب الملف المغربي.
وارتباطا بموضوع "الملف الأمريكي"، سبق لرئيس الاتحاد الأمريكي لكرة القدم ورئيس اللجنة الأمريكية المشتركة، سونيل غالاتي، أن قال في تصريحات صحفية: "نحن على ثقة بأننا نملك كل ما يلزم لتنظيم أكبر وأفضل مونديال في التاريخ، لدينا كثير من ضعف عدد المدن المطلوبة لاستضافة نهائيات مونديال 2026، مثلما لدينا رؤية لتطوير اللعبة"، وهو التصريح الذي يعني ما يعنيه من عزم الملف الأمريكي الثلاثي في كسب الرهان، علاوة على ما يتوفر عليه من نقاط قوة بارزة، وبالتالي فإن ذلك يقتضي ضرورة عمل المغرب على التصدي، عبر تقديم وسائل إقناع حقيقية لدى الاتحادات الكروية العالمية، في أفق تجهيز ما ينقصه من منشآت، سعيا إلى الدفاع عن حظوظه في الظفر باحتضان مونديال 2026.
20 décembre 2023 - 20:00