"أخيرا... يخرج إلى حيز الوجود
لم يكن سهلا أن يخرج هذا الكتاب إلى حيز الوجود، فما بين تاريخ البدء في البحث ومناقشته في الجامعة 8 سنوات، وبين المناقشة وتاريخ الصدور 6 سنوات. وإذا كان الأمر مفهوما في شقه الأول، فإن الشق الثاني ساهمت فيه التحولات السياسية التي شهدها المغرب منذ نهاية 2011، بكل ما استتبع ذلك من تعديل وتنقيح، بالإضافة إلى الإكراهات المادية والانشغالات المهنية والشخصية، لتجعل من خروج هذا الكتاب أمرا غير يسير على الإطلاق".
بهذه الكلمات، استهل الباحث في المجال الرياضي، الدكتور منصف اليازغي، كتابه الصادر، أخيرا، بعنوان: "السياسة الرياضية بالمغرب 1912-2012"، محاولا إشراك الآخر ببعض من معاناة وهموم، ما تلبث أن تعترض أي باحث مقبل على نشر كتاب معين، بحكم ارتفاع التكاليف المادية على مستوى الطبع والنشر، وقبلها مراحل البحث العلمي، التي تستغرق سنوات متعددة، في ظل غياب مرجعية توثيقية بإمكانها تسهيل مهمة أي باحث، وما يتخلل كل ذلك من ضرورة الإيمان لدى المؤلف بأن عملا من هذا النوع يحتاج إلى بعض من الشجاعة والجرأة أولا، وإلى كثير من الجهد والوقت والعناء ثانيا، وإلى منسوب من الصبر والمغامرة عاشرا، وهلم جرا من أسلحة التحدي.
وارتأى الباحث اليازغي تقسيم مؤلفه، الذي يتضمن 646 صفحة، إلى قسمين اثنين، وما يتفرع عنهما من فصول ومباحث وفقرات على تعددها وتنوعها، والتي تحتوي على تفاصيل دقيقة، تحت عناوين لها دلالاتها وأبعادها، إلى جانب تفوق الكاتب في تعزيز الكلمة بصور معبرة، وجداول توضيحية، وتماثيل مبيانية، ورسومات بيانية، وخرائط تفسيرية، في إطار سعيه إلى تقديم إحصائيات دقيقة.
ويتحدث القسم الأول من هذا الكتاب القيم عن "الدور الوظيفي لمؤسسات الدولة في التأثير على السياسة العامة الموجهة للمجال الرياضي"، من خلال ما ذكره عبر الفصول الثلاثة المتفرعة عن هذا القسم الأول، بخصوص مدى "تأثير المؤسسة الملكية على اعتماد سياسات عمومية في المجال الرياضي"، وأيضا "دور الجهاز التنفيذي في إعداد السياسات العمومية"، فضلا عن "دور البرلمان في تشكيل سياسة عمومية في المجال الرياضي".
أما القسم الثاني، المعنون بـ"أشكال تدخل وتدبير الدولة للمجال الرياضي"، والمقسم بدوره إلى ثلاثة فصول رئيسية، فقد تطرق فيها المؤلف إلى "أدوار وزارة الشبيبة والرياضة بين حكامة جيدة والخلفيات المتحكمة في تعيين الجهاز الوصي"، وكذلك "دور المؤسسات الرياضية في تنظيم الممارسة بالمغرب"، علاوة على "وسائل تدخل الدولة في المجال الرياضي".
ويهتم هذا الكتاب بدراسة السياسة الرياضية بالمغرب، خلال مرحلتين متباينتين، سواء في عهد الحماية أو خلال مرحلة ما بعد الاستقلال، وحتى اليوم، ليكشف الكاتب، وبجرأته المعهودة، عن غياب سياسة عامة لدى الدولة المغربية إزاء القطاع الرياضي. كما سلط الباحث الأضواء على مختلف الجوانب ذات الصلات السياسية والرياضية والقانونية والمالية، بما يكفي من البحث والتمحيص والتدقيق، ليخلص إلى بعض أقوال الملوك الثلاثة، محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس، حول الرياضة.