رفع نشطاء الحركة الأمازيغية بالمغرب نهاية الأسبوع الماضي شعارات تُطالب بتفعيل رسمية اللغة الأمازيغية التي جاءت في دستور 2011، بمناسبة الذكرى السنوية للربيع الأمازيغي، في وقت يسود فيه ترقب حذر تجاه حكومة سعد الدين العثماني، التي رأت النور الشهر الماضي.
ولفت سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المعين، أنظار الحركة الأمازيغية بالمغرب بعد لجوئه إلى التصريح لوسائل الإعلام باللغة الأمازيغية عقب نجاحه في جمع أغلبية حكومية، وهي خطوة رآها الكثير غير مسبوقة في تاريخ رؤساء الحكومات بالمغرب، الذين غالباً ما لا يعيرون اهتماماً لذلك.
وللحركة الأمازيغية علاقات غير جيدة مع حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة لولاية ثانية، وقد كانت حكومة عبد الإله بنكيران خير دليل على ذلك، حيث رفضت الحركة معارضة شديدة مشروع القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ومشروع القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
هذين القانونان يتعلقان بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية التي نص عليها الفصل 5 من دستور 2011، لكنهما لم ينلا تأييد الحركة الأمازيغية وعدد من الأحزاب على رأسها حزب الأصالة والمعاصرة، التي اعتبر رئيسه إلياس العماري أنهما لا يخدمان اللغة الأمازيغية.
خلال تقديم البرنامج الحكومي الأسبوع، من قبل سعد الدين العثماني، أمام مجلسي البرلمان يوم 19 أبريل 2017، لفت الانتباه إلى إلقائه التحية باللغة الأمازيغية، لكن ما جاء في عرضه لم يكن ليشفي غضب الجمعيات والمنظمات العاملة في مجال اللغة والثقافة الأمازيغتين.
وجاء في عرض العثماني أن حكومته ستسلك "سياسة لغوية مندمجة وفق المقتضيات الدستورية، بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية للقيام بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية، عبر الإسراع في تفعيل القانون التنظيمي المتعلق بها بعد اعتماده من قبل البرلمان، وفق منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين في مجال النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين".
كما ستعمل الحكومة، حسب رئيسها سعد الدين العثماني، على "وإطلاق سياسة لغوية مندمجة ترتكز على تقوية اللغتين الوطنيتين الرسميتين العربية والأمازيغية؛ في إطار يحفظ الوحدة ويضمن التنوع، وحماية اللهجات والتعبيرات الثقافية، مع الانفتاح على اللغات الأجنبية والثقافات الأخرى وعلى حضارة العصر".
محمد الحموشي، الفاعل المدني والعضو بالفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، يرى في تعليق له حول الموضوع، أن ما جاء حول الأمازيغية في البرنامج الحكومي "مُخيب للأمل"، وقال: "إذ وبدل التقاط إشارة الانتظارات الشعبية والقطع مع سياسة التسلط الذي مارسته حكومة بنكيران ضد القضية الأمازيغية بالمغرب، نجد سعد الدين العثماني يحيل في أكثر من مرة على استكمال واستمرار إصلاح الأوراش الكبرى التي فتحتها الحكومة السابقة، وهكذا وبعد انتظار خمس سنوات يكرر نفس الخطاب الإنشائي لحكومة سلفه".
وأوضح الحموشي، في حديث مع موقع "مواطن"، أنه لم يتم "تحديد آجال التنزيل، والكيفية التي سيتم بها التعامل مع الترسانة القانونية المعتمدة في عهد الحكومة المنتهية ولايتها، والتي تقصي صراحة اللغة الأمازيغية من مجالات النجاعة والاستعمال اللغوي".
ويرى الحموشي أن البرنامج الحكومي لم يشر "إلى تصحيح رؤية المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي تعامل مع الأمازيغية بمنطق لغة التواصل وتأجيل إدماجها عمودياً وأفقياً في المنظومة التربوية إلى سنة 2030، ما يوحي بعدم الجدية والاستمرار في دعم وضع سياسات عمومية نكوصية في مجال العدالة اللغوية، خاصة في ظل عدم تقديم أي مؤشرات قابلة للقياس بخصوص توسيع عرض تدريس الأمازيغية".
ويُطالب نشطاء الحركة الأمازيغية بتعديل مشاريع القوانين المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، حيث يستعد تحالف المبادرة المدنية من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، هذا الأسبوع، لعرض مقترحاته البديلة لهذا المشروع، والتي ستكون موضوع حملتها الترافعية لدى الأحزاب السياسية والقطاعات الحكومة ورئيسي البرلمان والفرق البرلمانية والمؤسسات الوطنية والنقابات.
ورغم تنصيص الدستور المغربي قبل ست سنوات على كون الأمازيغية لغة رسمية للدولة، إلا أن إقرارها الفعلي لم يتأتى بعد، كما أن تدريس الأمازيغية في المدرسة العمومية، باعتباره أهم مجال للحفاظ على اللغة، يشهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، وذلك بشهادة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
وستكون المعركة حاسمة بين الحركة الأمازيغية وحكومة العثماني على مستوى البرلمان، حيث ستجرى مناقشة مشاريع القوانين ذات الصلة، ويعول النشطاء الأمازيغ على نواب المعارضة، خصوصاً حزب الأصالة والمعاصرة، من أجل الدفع بإقرار تعديلات جوهرية تستجيب لتطلعاتهم.