و.م.ع: خالد أبوشكري
تسعى أحزاب المعارضة التركية، "البعيدة أيديولوجيا" و "غير القادرة" على الاتفاق على مرشح مشترك، الى تحدي الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان المرشح للانتخابات للرئاسية ،التي ستجري يوم 24 يونيو الجاري في تركيا ،وإجباره على المواجهة خلال الدور الثاني.
وتضم المعارضة ، التي فشلت في الاتفاق حول مرشح منافس قوي ووضع استراتيجية للحيلولة دون تمكن رئيس الدولة المنتهية ولايته من الفوز من الدور الأول من خلال تشتيت الاصوات ووضع حد لهيمنة حزب العدالة والتنمية على الحياة السياسية ، من المحافظين من اليمين المتطرف والعلمانيين والإسلاميين.
وفي هذا السياق أوضح المحلل السياسي مراد يتكين ، أن الشيء الوحيد الذي تريده أحزاب المعارضة هو إسقاط" أردوغان " ،الذي تتهمه المعارضة باستقطاب المجتمع وتأجيج الشعور القومي "، وهذا في الحقيقة هو "الهدف من انتخابات ديمقراطية" .
واعتبر أن التركيز على الشخص من دون برنامج "بديل وواقعي" ، قد يكلف المعارضة ثمنا باهظا.
وقال أن هذه الحملة ،التي يقودها اقدم حزب في البلاد حزب الشعب الجمهوري (العلماني) ، تنشد تحقيق موازن القوى من "أجواء الخوف التي أنشأها رئيس الدولة" الى تحالف غير متجانس حول "قيم معينة ،مثل استقلال وسائل الإعلام والسلطة القضائية "، مع أحزاب ( اليمين القومي) والسعادة (فيليسيتي، المحافظ)، وريث الخط السياسي لنجم الدين أربكان ،الذي يعتبر أب الإسلامين في تركيا .
وفي الاتجاه ذاته، قام زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال قليتش دار أوغلو ب"خطوة غير مسبوقة" في الحياة السياسية المحلية ،بإعارة 15 من النواب لميرال أكسينر (حزب اليمين القومي) لإغلاق الفجوة وتمكين الحزب من تقديم ترشيحه، حتى لو كان هذا الحزب، وهو حركة سابقة لحركة كادور القومية (حزب الشعب الجمهوري الحليف الحالي لحزب العدالة والتنمية)، قد رفض في وقت لاحق الاتفاق على مرشح واحد مع مكونات المعارضة.
ولا يبدو ان اكسنير ،المرأة الوحيدة التي تحملت مسؤولية وزارة الداخلية (1996-1997)، ترغب في الظهور في نفس "المربع" مع حزب الشعب الديمقراطي ، الموالي للاكراد، الذي رشح رئيسه السابق سلهاتين ديميراتس للسباق الرئاسي.
وهذه القامة السياسية التركية، أقالها حزب الشعب الجمهوري، لقيامها بمحاولة مع بعض المناضلين الآخرين، ب "طرد" دولت بهجلي زعيم لفترة طويلة للحزب القومي المتطرف (20 سنة تقريبا)، والذي كان نشطا في الحملة ضد التغييرات الدستورية التي أدخلت نظاما رئاسيا تنفيذيا في (أبريل 2017).
ونجحت هذه السيدة التي تلقب ب "المرأة الحديدية التركية"، نظرا لطبيعتها، وشخصيتها غير النمطية في المشهد السياسي التركي، حيث النساء نادرا ما تكون في موقع الريادة ، في استقطاب مئات من أنصار حزب الحركة القومية وأيضا ،وخلق البلبلة داخل حزب الشعب الجمهوري العلماني نفسه.
منذ تشكيل الحزب في دجنبر الماضى ،سعت ،بكل جرأة ،الى الى مواجهة اردوغان ،رافضة منذ ذلك الحين، اى تنازلات ومباحثات بشان المرشح المشترك.
وقد تم تشكيل كتلة معارضة بين حزب الشعب الجمهوري، وحزب السعادة والحزب الديمقراطي الصغير (يمين الوسط) للانتخابات التشريعية ،التي ستجرى في نفس يوم الانتخابات الرئاسية.
وبهذا الصدد ،قال المحلل السياسي نوري ارجان، إن المرشح الذي قدمه حزب الشعب الجمهوري محرم انيس ، شخصية شعبية لها دراية بكيفية التأثير على الناخبين وكسب تأييدهم ، لكن السؤال المطروح ، هو هل بإمكانه تحويل شعبيته إلى ما يكفي من الاصوات في الانتخابات الرئاسية.
وقد تأكد بالفعل ،أنه لن يستعمل أبدا السلطات الرئاسية التي منحها استفتاء سنة 2017 فيما يخص التعديلات الدستورية في حال ما تم انتخابه رئيسا للبلاد "سأكون خائفا من القيام بذلك".
وأعلن خلال تجمع جماهيري في هكاري (شرق ) ،حيث منحت نحو 84 بالمائة من الاصوات في انتخابات 2015 لحزب الشعب الديمقراطي ، أنه سيطرح القضية الكردية كحصان في المعركة، ويطرح حلولا يمكن بلورتها عبر "السلام والتنمية والتقاسم".
ودفع الحزب الشعبي الديموقراطي رئيسه صلاح الدين دميرتاس للترشح للانتخابات من اجل استعادة الأصوات "المتفرقة" للناخبين الأكراد المحافظين، لكن هناك عائق واحد هو ان هذا الاخير يقبع في السجن منذ نونبر 2016 ،وفي حالة ما إذا كان مذنبا في 18 قضية، فقد تصل العقوبة إلى 142 سنة من اجل دعمه للقضايا المتعددة التي يتبنها حزب العمال الكردستاني أو التي تضعها الدولة في خانة "الإرهاب".
وبالرغم من تخوفه من قوة الرئيس أردوغان ،فإنه عاقد العزم على إضعافه والتقليص من شعبيته من خلال اللعب على الحس الوطني لاسترداد أصوات أصحاب النزعة القومية والوطنية ، وقد نجح الحزب الديمقراطي الشعبي في كسب قاعدة وطنية في صفوف الناخبين الأكراد (ما يقرب من 20 بالمائة من السكان) ، وهو هامش انتخابي كبير بالنسبة لليسار.
ووفقا للحزب ، سيكون صلاح الدين المرشح الأفضل ،لأنه الوحيد القادر على الحفاظ على القاعدة الانتخابية الكردية وحتى توسيعها ،كما بإمكانه استقطاب أصوات الناخبين الأكراد المحافظين من حزب العدالة والتنمية ،الذي خيب أمله في تحالفه مع الحركة القومية وكذا العملية العسكرية التي شنتها أنقرة ضد الأكراد الأتراك والسوريين.
هذه الانتخابات هي الثانية المتوقعة في تاريخ البلاد بعد انتخابات نونبر 2015 ،التي سمحت لحزب العدالة والتنمية باستعادة الأغلبية في البرلمان. وتتباين نتائج استطلاعات الرأي بحسب الألوان السياسية والمراكز التي تشرف على استطلاعات الرأي.
وإذا لم يتمكن أردوغان من الحصول على الأغلبية (50 بالمائة + 1) يوم الأحد ، فستجرى جولة ثانية للرئاسة يوم 8 يوليوز المقبل بين المرشحين المحتلين للمراكز المتقدمة .
17 avril 2024 - 10:40