أعاد شريط الفيديو الذي أظهر ضابط شرطة تابع لأمن ولاية الدار البيضاء، وهو يقوم بتعنيف صاحب دراجة نارية ثلاثية العجلات "تريبورتور" أثناء محاول حجزها، ونقلها عبر شاحنة القطر إلى المحجز البلدي، حول مدى شرعية وقانونية عملية الحجز.
وفي الوقت الذي اعتذرت فيه المديرية العامة لصاحب الدراجة عن ما بدر من الشرطي من سلوك يتنافى مع التوجهات الجديدة للأمن، باستقباله من طرف عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، فإن عملية حجز الناقلات بمختلف أنواعها (دراجات نارية وسيارات..) تبقى ظاهرة مستفحلة بشكل لافت بشوارع الدار البيضاء، ولا تراعي الضوابط القانونية المعمول بها، حيث أن العملية يراد منها إنعاش خزينة الدولة بموارد مالية.
وفي إطار الحديث عن ظروف وملابسات الحجز، تقفى موقع "مواطن" عمليات حجز الدراجات النارية بالاستماع إلى شهادات أصحابها، من خلال متابعة بعض التفاصيل في الروبورتاج التالي:
ظاهرة حجز الدراجات النارية
أصبحت ظاهرة حجز الدراجات النارية تتناسل يوميا بشكل لافت بشوارع الدار البيضاء، وذلك باستهداف أصحاب الدراجات في أوقات معينة، حيث يقوم أفرد من الشرطة بتوقيفهم ومطالبتهم بالأوراق الثبوتية للدراجة النارية، وفي حال عدم وجود إحدى الوثائق، يتم حجز الدراجة النارية بتدوين مخالفة ومطالبة سائق شاحنة القطر "الديبناج" التي لا تفارق رجال الشرطة المكلفين بالمهمة، بحمل الدراجة على وجه السرعة على ظهر شاحنة القطر، ليشرع أصحابها في التوسل إلى الشرطي دون جدوى، ما يطرح كثيرا من علامات الاستفهام حول شرعية وقانونية الحجز.
وفي هذا الإطار واكب موقع "مواطن" حالة من حالات الحجز وما رافقها من معاناة أصحاب الدراجات المحجوزة من انتظار لتسلم وثيقة الحجز، حيث أكد بعض الشبان خلال الالتقاء بهم بالقرب من مخفر الشرطة الكائن بجوار بنك المغرب بشارع الحسن الثاني وسط المدينة على أن المسطرة الإدارية تبقى معقدة في مجال الحجز، حيث يضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على وثيقة الحجز التي تتضمن نوعية المخالفة المدونة من طرف المصالح الأمنية بالمخفر الأمني المذكور، وهي الحقيقة التي وقف عليها موقع "مواطن"، بعدما أشار والد أحد الشبان الذي حجزت دراجته النارية بوسط المدينة إلى طول مدة الانتظار، في الوقت الذي ذكر فيه أحد سائقي "الديبناج" الذي كان متوقفا بالقرب من المخفر وعلى متن مقطورته أربع دراجات نارية من نوع " سكوتر"، أن فاتورة نقل هذه المحجوزات تصل إلى 400 درهم، موضحا في السياق ذاته، أنه يصادف العديد من المشاكل في عمله، مما يجبره على تصوير المحجوزات بآلة تصوير رقمية لا تفارقه أثناء إنجاز مهمته، مضيفا أنه يحتفظ بصور المحجوزات لتفادي المشاكل التي من شأنها أن تحصل مع المكلفين بالسهر على" الفوريان" ومالكي المحجوزات، وذلك بهدف جعلها دليلا كلما خضع للمسآلة في بعض الحالات التي تتعلق أحيانا إصابة الدراجة بخدوش أو تغيير بعض قطع غيارها.
واصلنا تتبع خيوط العملية وسألنا عميد الشرطة الذي كان بصدد مغادرة المخفر وبرفقته رجل أمن، عن أسباب تعطيل المسطرة الإدارية الخاصة بالحجز التي تجعل المواطن ينتظر لساعات عديدة من أجل الحصول على وثيقة الحجز، قائلا: " إن ذلك هو من باب الافتراء والكذب، أعطوني أسماء الذين يقول ذلك.. دون أن يقدم جوابا مقنعا"، قبل أن نرد عليه أنه لا يحق لنا الكشف عن مصادرنا، الذين اعترفوا الكثير بصحة ذلك، لنغادر المكان في حدود الخامسة والربع بعد عصر اليوم السبت، ونرك بضعة شبان يرابطون بالقرب من المخفر في انتظار تسلمهم وثيقة الحجز.
الحجز لتعزيز الموارد المالية لجماعة الدار البيضاء
تساهم المحاجز البلدية في ضخ موارد مالية مهمة لفائدة جماعة الدار البيضاء وخزينة الدولة، وأيضا لأصحاب أو شركات "الديبناج" التي تؤمن نقل المحجوزات بناء على المخالفات التي يحررها رجال الشرطة المكلفين بالسير والجولان، ضد أصحاب مختلف المركبات (السيارات والدراجات النارية والشاحنات).
غير أنه في أحيان كثيرة يلاحظ أثناء نقل السيارات والدراجات... إلى المحاجز البلدية "الفورينات"، غياب المهنية لدى بعض أصحاب "الديبناج" الذين لا يأخذون بعين الاعتبار الحفاظ على سلامة ممتلكات الغير، علما أن المبالغ التي يؤديها أصحاب المحجوزات تتراوح قيمتها ما بين 60 و 100 درهم للدراجة الواحدة، و 100 درهم عن كل 24 ساعة بالنسبة لكل سيارة محتجزة، وفق ما أكده صاحب "ديبناج"، في حين أن المخاطر تظل تهدد هذه المحجوزات داخل "الفوريانات"، حيث سبق أن اندلعت خلال السنوات الأخيرة النيران بالمحجز البلدي للحي الحسني أتت على حوالي 30 سيارة، منها من دخلت في اليوم ذاته أو قبله بأيام، ليجد المواطن نفسه بدون وسيلة نقل، كما أن عددا من المخالفات التي يترتب عنها حجز وجر الدراجة النارية أو السيارة ... نحو المحجز البلدي، تكون عفوية وغير متعمدة، الأمر الذي يثقل كاهل مالكها بمصاريف تنقل إضافية، دون إغفال ضياع بعض الوثائق الإدارية أو ممتلكات عينية من الصعب إثبات وجودها بالسيارة في حال احتراقها، وذلك من أجل تحديدها سواء في مسطرة التراضي مع الجماعة من أجل التعويض، أو في حال نهج المسطرة القضائية لتحديد قيمة هذا التعويض، التي تتطلب سلك مساطر جد معقدة وإجراء الخبرة، وفق ما أكد الأستاذ إبراهيم وصبر، المحامي بهيئة الدار البيضاء، وهي أمور من الممكن تفاديها لو توفرت خدمات في المستوى المطلوب داخل المحاجز البلدية، التي تبقى في الوقت الراهن عبارة عن مقبرة حقيقية تتلقى فيها السيارات والدراجات كل أنواع الحيف والهلاك، لأن الدخول إلى المحجز البلدي أشبه بالاستضافة غير المرغوب فيها، لكون أغلب المحاجز لا تدون في محاضر الحجز أدق التفاصيل الممكنة، بدءا من أسباب النزول وانتهاء بالحالة الميكانيكية للناقلة، ما يعني أن ما سبق ذكره يؤدي إلى تكريس حالة التسيب والتشجيع على السرقة التي أصبحت ظاهرة عامة في مختلف المحاجز.
محامي: الحجز طريقة تعسفية وغير قانونية
أكد الأستاذ إبراهيم وصبر، المحامي بهيئة الدار البيضاء أن عملية حجز الدراجات النارية تبقى إجراءات تعسفية وغير قانونية، لكونها تمارس خارج الضوابط المعمول بها، وتخضع لتعليمات خاصة تهدف إلى تنمية الموارد المالية لخزينة الدولة.
وأضاف المتحدث ذاته أن قانون المخالفات الوارد في مدونة السير الجديدة، حدد مجموعة من الضوابط التي يجب التقيد بها من أجل تنفيذ عملية الحجز في حق إحدى المركبات كيفما كان نوعها، غير أنه للأسف يلاحظ أن ظاهرة الحجز تنفذ بسرعة فائقة دون مراعاة تلك الضوابط لاعتبارات أخرى تتمثل في استخلاص موارد مالية عن طريق الغرامات التي تسجل في حق أصحاب الدراجات الذين يتم استهدافهم بشكل مبالغ فيه.
20 décembre 2023 - 20:00