تميزت فعاليات اليوم الثالث والأخير من المهرجان الدولي الأول للطريقة العيساوية، الذي احتضنته الدار البيضاء ما بين 19 و21 أبريل الجاري، بالندوة العلمية التي شارك فيها صباح أمس السبت، ثلة من المفكرين والأكاديميين والباحثين، حيث سلطوا الضوء على البعد التربوي والأخلاقي للتصوف.
وأجمعوا في مداخلاتهم على أن المجتمعات المعاصرة في حاجة إلى الفكر التصوفي باعتباره مدرسة تربوية سلوكية، تجعل السمو بالوازع الأخلاقي منطلقا لبناء المجتمع الفاضل ،حيث تمثل الأخلاق جوهر الإسلام وروحه السارية في جميع جوانبه.
و في هذا السياق، شدد مولاي إدريس العلوي المدغري، الرئيس الوطني لجمعية فاس سايس،على أهمية تعميم الثقافات الروحية التي تنشر قيم السلم والتسامح والتعايش والطمأنية، مبرزا أن المبادرات التي يتم تنظيمها في إطار جمعوي وعبر مختلف ربوع المملكة تصب في نفس الاتجاه و هدفها المشترك هو خلق نوع من التراكم القوي للقيم لبلوغ الحصانة الذهنية للشباب، معتبرا أن الإيمان الروحي الصادق هو أساس كيان أي مجتمع، مجددا التأكيد على ضرورة الاهتمام بالتربية الروحية للشباب التي تمر عبر دعم حصانتهم الأخلاقية باعتبارها مفتاح إعداد جيل ناجح و مجتمع فاضل.
من جانبه، اعتبر الأكاديمي عبد الله الوزاني، أن التأمل في الطريقة العيساوية فكرا ومفهوما "يجعلنا نمعن النظر والتفكير والتمحيص في الفكر الصوفي بكل تجلياته الروحية والروحانية".
وقال الوزاني: "الهدف من هذه التظاهرات هو الارتقاء بالفكر الروحي لتحصين المجتمع وبناء مجتمع متوازن يمكن أن يسير بثبات إلى الإمام متحديا العراقيل فكرية، وينطلق قدما نحو بناء صرح وطن يرتبط بتاريخه و تراثه الحضاري".
من جهته، رأى المفكر الجزائري محمد بن بريكة، في تعريفه للصوفية أنها " السمو إلى المقام الأعلى من الدين" ، مضيفا أن الصوفية تقوم على عدة أركان من بينها اتخاذ الشيخ وليا مرشدا، وذكر الله قياما وقعودا، والتزام الأدب وحسن الخلق، معتبرا أن مكارم الأخلاق التي يتحلى بها الشعب المغربي، وباقي الشعوب المغربية من خلال إكرامهم للضيف وحسن استقباله والترحيب به نابع من كونهم أكثر تشبعا بروح التصوف.
بدوره لاحظ الأكاديمي عبد الله بن عرفة ، الباحث في مجال اللسانيات، أن للصوفية ارتباط وثيق بالأخلاق الفاضلة من إحسان وإيثار وأدب وعلم، مبرزا أن هناك مسلمتين يتعين الوقوف عندهما، "فلا إنسان بغير أخلاق ولا أخلاق بغير دين "، مشددا على أن المجتمع المعاصر في حاجة ماسة إلى الفكر المتصوف لمواجهة الفكر المتطرف في مختلف تجلياته، موضحا أن المنظمات الإرهابية غالبا ما تستعمل الوازع الفكري لإقناع الشباب على تبني معتقداتها عبر ما يعرف بالسرديات الجهادية.
ويهدف المهرجان إلى المساهمة في الحفاظ على هذا الموروث اللامادي للمغاربة جميعا، ونقل الطريقة العيساوية وترسيخ قيمها في أوساط الشباب، وتنقيح ما أنتجته هذه الطريقة على المستويين الفني والفكري والسعي لتقوية ارتباط الأجيال الصاعدة بأحد مكونات الهوية الدينية الوطنية، وترسخ ثقافة الحوار والتبادل بين الشعوب والأمم، تحقيقا لفضيلة العيش المشترك بكل قيمه الإنسانية النبيلة.
22 avril 2024 - 16:15
21 avril 2024 - 18:00
19 avril 2024 - 12:00