لم يعد الرجال المغاربة يترددون في الحديث عن العنف الذين يتعرضون له من زوجاتهم. صحيح أن النساء هن الأكثر عرضة للعنف، غير أن الرجال يعانون منه كذلك. هذا ما يؤكده عبد الفتاح بهجاجي، ئيس الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، الذي يتحدث في هذا الحوار عن أشكال العنف الذي يتعرض لها الرجال بالمغرب.

مواطن:أحدثتم منذ عشرة أعوام الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال، حيث ركزتم على العنف الممارس ضدهم من قبل زوجاتهم. ما هي الحصيلة اليوم؟

عبد الفتاح بهجاجي: عالجنا 2500 حالة في العام الماضي، وبلغ عدد الحالات التي تعاملنا معها منذ فبراير 2008 تاريخ تأسيس الشبكة حوالي 23 ألف حالة، وبالتحديد 22850 حالة.عندما نتحدث عن 23 ألفا، فإن نعني بذلك الأشخاص الذين اتصلوا بنا مباشرة، غير أن ثمة من يعرض حالته عبر الهاتف أو عبر وسيط كأن تأتي إلينا الأخت أو الأم من أجل عرض حالة الأخ أو الابن الذي يتعرض للعنف من قبل الزوجة. وهناك من يأتينا كي يتحدث عن حالته بضمير الغائب.

ماهي أشكال العنف التي يكشف عنها الرجال الذين يتصلون بكم؟

يمثل العنف الجسدي مابين 20 و25 في المائة من الحالات التي نتعامل معها، و تستعمل فيه جميع أنواع الأساليب، من بينها الآلات الحادة وأدوات المنزل والاستعانة بالجيران وأفراد العائلة.

ويأتي في المرتبة الثانية العنف النفسي، الذي يشمل المس بالكرامة والسب والقذف أمام أفراد الأسرة والأبناء والجيران، وهناك حالات استعمال العنف اللفظي بمقر العمل. وتوصل بحالتين لشخصين طردا من العمل بعدما تعرضا من قبل زوجتيهما للسب بمقر العمل.

وهناك العنف القانوني، وهو الأذى الذي يلحق الرجال من خلال تطبيق بنود ومقتضيات مدونة الأسرة. فقد قضت محكمة بأداء شخص عاطل نفقة في حدود 1300 درهم لطفلته و40 ألف درهم كمتعة. وهذا نعتبره عنفا قانونيا يأتي من تطبيق مقتضى قانوني فيه حيف كبير في حق الرجال.

وهناك حالات الذين رجال يمنعون من صلة الرحم مع أبنائهم بعد الطلاق. وهذا الحق لا يتمتع به الأزواج، في غالب الأحيان، نظرا لتعقد المسطرة الخاصة بهذا الحق. ونحن لدينا حالة زوجة انتقلت بابنتها من مدينة واقعة في الجنوب إلى أخرى تقع في الشمال. فكيف سيستفيد الأب من حق رؤية ابنته يوم الأحد. وهناك الكثير من التسويف الذي يقع ضحيته الآباء عند زيارتهم لأبنائهم بعد الطلاق، حيث يحال بينهم بين ذلك بشتى أنواع الأعذار.

وثمة نوع آخر من العنف، نطلق عليه العنف المادي، حيث تعمل الزوجة على الاستيلاء على متعلقات الزوج مثل أوراقه الثبوتية أو وثائق ملكية أو الشيك. وهناك زوجة استعملت العنف ضد طليقها، رغم أن المحكمة قضت بنفقة تتضمن السكن للمحضون.هذا النوع من العنف الذي يستعمل فيه الابتزاز في بعض الأحيان.

هل الحالات التي تتوصلون بها تتعلق فقط بالعنف الممارس من قبل الزوجات ضد أزواجهن؟

الحالات التي تأتينا تتعلق بعنف الزوجات في حق الأزوج، غير أنه عرضت علينا حالات تعرض الزوج للعنف من الأبناء. وهناك حالات أطفال يتعرضون من زوجة الأب أو يعانون من العنف بعد وفاة الأبوين من أحد الأقارب.

 هل يقبل الرجال المغاربة بالحديث عن العنف الذي يتعرضون له؟

شبكتنا هي الأولى التي اهتمت بهذا الموضوهع، وهناك جمعية جديدة تأسست مؤخرا بمكناس، فلو توفرت فضاءات للاستماع للرجال المعنفين لحصلنا على حالات عديدة جدا. لقد بدأ الرجال يتحدثون عن العنف الذي يتعرضون له وشرعوا في الحديث عنه بسهولة.

 قد يستغرب البعض حديثكم عن العنف ضد الرجال، بينما الشائع هو أن النساء هن من يتعرضن للعنف؟

مد الحركة النسائية كبير. وهناك من الجمعيات من تعتبر أن العنف ضد الرجال ليس ظاهرة أو أنه قليل. نحن في الشبكة نعترف بأن النساء يتعرضن للعنف أكثر من الرجال، غير أننا نرى أن العنف لا لونه له ولاجنس. فكل من يتعرض للعنف له الحق في الشكوى منه والمواكبة من أجل معالجة المشكل. هناك أصوات تبخس عملنا، غير أن الواقع يؤكد أنه كما أن هناك رجال معنفين هناك نساء معنفات.

أنتم تتواجدون بالدار البيضاء، فهل تستقبلون حالات من مدن أخرى؟

 نحن نستقبل الناس من جميع أنحاء المغرب. ونضطر، في بعض الأحيان، إلي التنقل للاستماع للناس في مدن أخرى. ونتلقى شكايات حتى  حتى من بعض المهاجرين، الذين يعانون من ازدواجية القوانين. فقد يحدث طلاق في بلد المهجر، غير أن الزوج بسبب عدم تذييله للحكم الصادر ببلد المهجر بالمغرب، تعمد الزوجة إلى رفع دعوى قضائية تزعم فيها إهمال الأسرة، وتطبق عليه مسطرة التطليق للشقاق.

ماهي الفئات العمرية والمهنية الأكثر تعرضا للعنف؟

أصغر شخص تعاملنا مع حالته يبلغ من العمر 26 عاما وأكبر مشتك يبلغ من العمر 75 سنة، ويتعلق بزوج طردته الزوجة وابنته من بيت الزوجية. العنف يتعرض له جميع الرجال من العامل المياوم إلى رجل الأعمال. هذا ما تجلى لنا. 

 هل تتدخلون من أجل الصلح بين الزوجين؟

نحن نستمع للمشتكي من أجل التأكد من حقيقة ما يدعيه الشخص، لأن هناك من يلجأ إلينا من أجل الاستقواء على زوجته. وإذا كانت بعض الحالات لم تصل إلى القضاء، فإننا نتدخل من أجل الصلح بين الطرفين، ونحجنا في العديد من الحالات عبر استدعاء الزوجة. ويجب أن أشير إلى أننا ننجح كثيرا إذا أبعدنا أسرة الزوجين عن التدخل في المشكل المطروح. وإذا وصل الأمر إلى القضاء، نحاول القيام بالوساطة. ويجب أن أشير  إلى أننا نجد مشاكل كثيرة في ذلك، خاصة بسبب تدخل الأسر التي أصبحت تؤجج الوضع. ونحن نلاحظ، في بعض الحالات، أنه عند اتباع مسطرة الصلح، يطلب القاضي، حكمين يمثلان الزوجين، غير أننا نكتشف أن الحكمين يشيران باستحالة استمرار العلاقة الزوجية.

هل تتوفرون على الموارد البشرية والمالية التي تتيح لكم إنجاز المهمة التي تتصدون لها؟

 لا نتوفر على مقر خاص. نحن نتقاسم المقر مع العديد من الجمعية بإحدى دور الشباب. لا نتوفر على متفرغين ولا نستفيد من أي دعم. نحن لا نتباكى، لكننا نقول إننا لو توفرنا على الوسائل اللوجستيكية، لاستطعنا أن نكتشف حالات عنف أكبر وأخطر تمارس في حق الرجال.