كيف تحول المغرب من مصدر للقطاني إلى مستورد لها؟. هذا سؤال يؤرق المنتجين بالمغرب، الذي أضحى يشتري، أغلب حاجياته من العدس والحمص والفول من الخارج.
ينظم بمدينة برشيد، بين الثاني عشر والخامس عشر من أكتوبر المقبل، معرض من أجل تحسيس الفلاحين حول أهمية زراعة القطاني، التي لم يعودوا يقبلون عليهم في الأعوام الأخيرة، ما أفضى إلى الارتهان للسوق الخارجية، بغية تأمين احتياجات المملكة.
وانتقل محصول المغرب من القطاني من 4.5 ملايين قنطار قبل أربعين عاما، إلى 3.5 ملايين قنطار في الأعوام الأخيرة، ما دفع المغرب إلى التعويل على الاستيراد.
وتصل المساحة المزروعة بالقطاني بالمغرب إلى 394 ألف هكتار، حيث ينتج الفول في نصف تلك المساحة، بينما يمثل الحمص 17 في المائة، والعدس 12 في المائة، والبازلاء 6.7 في المائة.
وتنتشر زراعة القطاعي في أغلب الأحيان في مساحات صغيرة، في الريف، والسايس، والغرب، والخميسات، وسطات، و دكالة، وبني ملال، وتازة، وفاس، وآسفي.
ويشير المزارع محمد بنبراهيم إلى أن المغرب يستورد حوالي 70 في المائة من القطاني في الأعوام الأخيرة، من كندا وتركيا ونيوزيلاندا والصين.
وكانت الحكومة صرحت عندما ارتفعت الأسعار في 2016، أن إنتاج العدس انخفض في ذلك الموسم بـ66 في المائة، في ظل تراجع المساحة المزروعة بـ60 في المائة.
وسجلت أن ذلك أفضى إلى ارتفاع أسعار تلك المادة بـ60 في المائة، مقارنة بالأعوام الثلاثة السابقة. هذا الوضع دفع السلطات العمومية إلى التدخل في كل مرة من أجل خفض أو تعليق رسوم الاستيراد.
ويرى المزارع خالد بنسليمان، أن تراجع إنتاج كندا من العدس وارتفاع طلب الهند، التي تعتبر أول مستهلك في العالم عليه، أفضى في العامين الأخيرين إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما لمسه المستهلكون المغاربة في المغرب.
ويعتبر خالد بنسليمان، في تصريح لـ"مواطن"، أن الجفاف من بين العوامل الحاسمة التي تصرف المزارعين عن إنتاج القطاني، التي تعتمد على الأمطار المتأخرة، بالإضافة إلي ارتفاع تكاليف الإنتاج، بسبب عدم توفر البذور المعتمدة وعدم شيوع الممكنة.
وغير أن مهنيا فضل عدم، ذكر اسمه، ذهب إلى أن السبب الرئيسي الذي دفع إلى عدم تطوير زراعة القطاني في المغرب، عائد إلى عدم توفير أصناف من البذور التي يمكن أن ترفع المردودية.
ولا يجد هذا المهني تفسيرا لعدم انخراط المعهد الوطني للبحث الزراعي، في تطوير أصناف، تتاح للمزارعين من أجل تسهيل إنتاج القطاني.
غير أن بنسليمان، يرى أن المشكل لا يطرح على مستوى البحث الزراعي في حد ذاته، بل لأن المعهد الوطني للبحث الزراعي لا يتوفر على الموارد البشرية والمالية من أجل ذلك.
ويشير بنسليمان إلى أنه خلافا لبذور الحبوب التي تقدم المغرب كثيرا في إنتاجها، فإنه توفير 38 ألف قنطار من بذور القطاني المستهدفة، ما مازال هدفا بعيد المنال في المغرب.
ويوضح المغرب أن معدل توفير البذور المختارة بالنسبة للقطاني يتراوح بين 5و10 قياسا بالهدف المحدد، بينما وصل معدل إنتاج بذور الحبوب المختارة لحوالي 80 في المائة.
وينبه مزارعون إلى التخلي في الأعوام الأخيرة عن تعاقب الزراعات حفاظا على سلاسة الدورة الزراعية، فعندما يزرع الفلاح الحبوب في سنة، يقوم في العام الموالي بزراعة الحبوب.
وأشار المزارع محمد بنبراهيم، إلى أن المزارع لم يعد يراعي قوانين الدورة الزراعية، معتبرا أن عدم مراعاة الدورة الزراعية، يشكل خطرا كبيرا على الحبوب، فإنتاجها سنة بعد أخرى في نفس الأرض، يتسبب في الأمراض التي تصيب الحبوب.
وإذا كان محمد بنبراهيم، يعترف بعدم احترام الدورة الزراعية وخطرها على إنتاج الحبوب، إلا أنه يشدد على هناك مشكلا آخر له علاقة، بضعف المكننة في القطاع.
غير أن الإكراهات السابقة لا تعتبر في نظر مزارع فضل عدم ذكر اسمه، سوى عوامل طارئة، فهو يتصور المشكل يكمن في غيات سياسة واضحة لدى الوزارة من أجل تشجيع زراعة القطاني.
ويوضح ذات المصدر أنه يفترض في الوزارة، أن بسط سياستها في مجال إنتاج البذور، وتوضيح الدعم الذي ستوفره للمنتجين والمزارعين من أجل تأمين تلك البذور.
ويعبر بنسليمان عن استغرابه لما وصل إليه إنتاج القطاني في المغرب. فكندا التي تتميز عنها المملكة بمناخها المساعد على إنتاج القطاني، توفر حوالي ثلث المحصول العالمي من العدس، حيث يتساءل حول العوامل التي تحول دون المغرب و بلوغ محصول يساعد على تلبية الاحتياجات المحلية.
ويشير خبراء خلال مؤتمر حول القطاني الغذائية بمراكش، إلي مشاكل لها علاقة بالمهنيين أنفسهم، حيث يلاحظون أن القطاع يتميز بضعف التنظيم المهني للفاعلين، حيث دعت أصوات إلي تجميعهم من أجل تجاوز مشاكل القطاع ورفع المردودية التي تظل ضعيفة، حيث لا تتجاوز منذ الثمانينات ثمانية قناطر في الهكتار.
20 décembre 2023 - 20:00