لم يتردد الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان، في المطالبة في الأيام الأخيرة، بسحب جائزة نوبل للسلام، التي فازت بها زعيمة ميانمار، أونج سان سوكي في 1991، هي التي كانت واجهت الجنرالات في بلدها وتحملت الإقامة الإجبارية التي فرضت عليها على مدى خمسة عشرة عاما.
الكثيرون انتظروا في هذه الأيام، أن تعبر عن إدانتها للتهجير الذي يتعرض له مسلمو الروهينغا في بلدها، لكنها التزمت الصمت، وعندما تكلمت، اتهمت من اعتبرتهم إرهابيين من الروهينغا بالتضليل ونشر المغالطات.
صمتها أثار الكثيرين الذين طالبوا بسحب جائزة نوبل منها. وقد حثتها ملاله يوسفزي، التي تعتبر أصغر فائزة بجائزة نول، بإدانة ما يحدث، قائلة إن "العالم ينتظر منها" أن تتحدث.
وملالة اشتهرت عندما أصابها مسلح من طالبان برصاصة، بسبب تحديها للحركة التي كانت تريد الحيلولة دون النساء والتعلم، فاستحقت تلك الشابة نيل جائزة نوبل للسلام.
واستغرب الكثيرون الغموض الذي تتسم به هذه الزعيمة سان سوكي، التي توصف بـ"بطلة الديمقراطية"، بل إنها عندما تحدثت، جاء حديثها مجانبا لما يراه العالم، الذي يشهد على أن الآلاف من من الروهينغا نزحوا إلى بنغلاديش.
وقد أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن حوالي 270 الف لاجئ معظمهم من الروهينغا، فروا من أعمال العنف في ولاية راخين بغرب بورما ودخلوا بنغلادش من 25 غشت.
تحاول الدول الغربية كما يفهم من تصريح مصدر ديبلوماسي لـ"لوموند" الفرنسية، تحميل المسؤولية للجيش، وهو توجه يسعى إلى الإيحاء بأن الجيش هو صاحب الكلمة العليا، رغم تولى سان سوكي أمر الحكومة منذ إكثر من عام ونصف.
ويشير الباحث رونو إيكروتو، المتخصص في شؤون برمانيا، إلى أن "جزءا كبيرا من النخبة السياسية، بما في ذلك الديمقراطيين، متفق على أن مشكل الروهينغا لا يمكن حله سوى بطردهم أو تهميشهم".
هذا رأي يعكس ما تعتقده الساكنة، ويتصور البعض في الغرب أن سان سوكي لاتتوفر على سلطة على مستوى القضايا الأمنية، وأنها قطعت خطوات على صعيد هامش مناوراتها الضيق بين جيش ورأي عام بيرماني حاقد على هذه الاقلية المسلمة التي يعتبرها اجنبية.
وتذهب الناطقة السابقة باسم بعثة الأمم المتحدة بدارفور، عائشة البصري، في تصريح ل" مواطن"، إلى أن ما يتعرض له الروهينغا، ليس سوى موجة ضمن موجات حرق القرى والقتل والاعتداء، الذي يمارس على الروهينغا في ولاية راخين.
وأشارت البصري التي التقت لاجئين من الرهينغا في العام الماضي بتايلاند، إلى أن تلك الممارسات، يراد منها تهجير وقطع دابر الروهينغا، الذين تعتبرهم السلطات " بنغاليين"، وهو التصور الذي تحمله سان ساكوي، التي لم تذكر مؤخرا اسم الروهينغا.
وتذكر بأن لاجئين حكوا لها بأن سلطات ذلك البلد، عمدت في الإحصاء، الذين أجرته في الثمانينيات من القرن الماضي، إلى تجريد أبناء جلدتهم من بطاقة الهوية، حيث لم يصبحوا في عرفها مواطنين من البلد.
وتلاحظ أن الروهينغا الذين اشتهروا بـ"شعب القوارب"، كانت السلطات تدفعهم إلي البحر، حيث يجدون قوارب في انتظارهم، كي يغادروا إلي بلدان أخرى.
ويتصور ديبلوماسيون في الغرب أنه يجب عدم الضغط على سان سوكي، لأنه لا يوجد أي بديل آخر، رغم إن منظمة مثل هيومن رايتس ووتش تعتبر تلك السيدة جزءا من المشكل.
غير أن البصري ترى أن الغرب، يستحضر مصالحه في ميانمار، حيث أنه منذ تولى سان سوكي أمر الحكومة، انخرطت في نوع من الانفتاح الاقتصادي، بعد سنوات من العزلة، ما دفع العديد من الشركات الأوروبية والصينية إلى البحث عن فرص في ذلك البلد.
وتشير إلى أن لجنة التحقيق التي قادها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كوفي عنان، لم تهتم بالديمقراطية عندما حلت بميانمار، بل أعلنت أنها ستبحث في جذور المشكلة فقط.
وترى أن المقاربة التي اعتمدها كوفي عنان، هي نوع من التمويه، حيث كان يفترض أن تنكب على رصد مدى توفر شروط ممارسة حقوق الإنسان وتوصيف ما يحدث للروهينغا في ميانمار.
وتعتبر أن الخمسة الكبار في مجلس الأمن، ينظرون إلى ما يحدث للروهينغا، باعتباره مشكلا لا يحظى بالأولوية، ثم إنهم لا يريدون إثارة مواضيع يمكن أن يحدث حولها انقسام بينهم، خاصة مع القطب الصيني والروسي.
غير أن حسابات المصالح لا تعني من كانوا ينظرون إلى سان سوكي، على أنها بطلة الديمقراطية، والتي واجهت الجنرالات من أجل ذلك، غير أن، باولو بارانغواو مراسل لوموند الفرنسية، بجنوب شرق آسيا، يرى أن تلك السيدة خريجة أوسفورد تحيط نفسها بالكثير من الغموض، ويصفها ب" المتعجرفة".
و ما تجلى أن هذه "الديمقراطية"، تشاطر مناوئي الروهينغا، نفس المشاعر التي لا ترى في مسلمي الروهينغا مواطنين مثل أبناء الإثنيات الأخرى البالغ عددها 135 إثنية.
في هذه الأيام تذكر العديدون ردة فعلها في العام الماضي، تجاه صحافية بقناة "بي بي سي" الناطقة بالإنجليزية، فقد أحرجتها باسئلتها حول الروهينغا، وبعدما اطمأت إلي أن الكاميرات أطفأت، عبرت عن غضبها بالقول "لم يخبرني أحد بأن محاورتي ستكون مسلمة".. بطبيعة الحال، تصدر هذه " الأيقونة"، عن رؤية إثنية، تستحضر الروهينغا، في موقفها ذاك.
20 décembre 2023 - 20:00