يفترض في حكومة سعد الدين العثماني أن تتصدى لمعالجة العديد من الملفات الاقتصادية وتوضيح رؤيتها حول التزامات ضمنتها في برنامجها، خاصة في تراكم الانتظارات لدى الفاعلين الاقتصاديين والشباب العاطل.
البطالة والتشغيل: أعلنت الحكومة مؤخرا عن خطة لتقليص البطالة إلى 8.5 في المائة في الخمسة أعوام المقبلة. لم تقدم الحكومة تفاصيل أكثر حول رؤيتها لكيفية التعاطي مع البطالة، غير أن وزير التشغيل محمد يتيم، اعتبر في تصريح ل" مواطن"، أن ذلك لا يرتبط بإرادة الحكومة فقط، بل له علاقة بالفاعلين الآخرين،أي رجال الأعمال والمركزيات النقابية.
عندما تحدد الحكومة هدفا تريد بلوغه على مستوى البطالة، فإنها لا تقدم التزاما بذلك، بل تتعهد فقط، بتعبئة الطاقات من أجل تسهيل حياة المقاولة وتشجيع فكرة المقاول الذاتي وسلوك سبيل ملاءمة التكوين مع احتياجات السوق، حتى يتأتي تحقيق الإدماج المهني للشباب العاطل، خاصة الخريجين منهم.
ويرى الاقتصادي محمد الشيكر، أن مشكلة التشغيل والبطالة، لا تقتضي خططا بعيدا المدى، بل تستدعي تدابير مستعجلة من أجل مواجهة الانتظارات المتراكمة لدى الشباب.
مدونة الشغل: كانت الحكومة التزمت بإعادة النظر في مدونة الشغل. فهل تشرع في ذلك في الأشهر المقبلة؟ ذلك يقتضي حوارا اجتماعيا مازالت صيغته لم تتحقق بعد. وعندما تتحدث الحكومة عن مراجعة مدونة الشغل، فلأنها تريد اختبار إمكانية إدخال المرونة في سوق الشغل.
الوزير يتيم يؤكد أن الحكومة لن يتكون سوى وسيط بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب و المركزيات النقابية، التي تبدو متحفظة على مراجعة المدونة من أجل تكريس المرونة، حيث تميل لإقرار اتفاقيات جماعية، وإن كان مصدر نقابي مطلع، يرى أن النقابات قد تنفتح على المراجعة في حال جرى السكوت عن قانون النقابات.
الميزانية: في المذكرة التوجيهية حول مشروع قانون مالية العام المقبل، جرى توقع حصر عجز الميزانية في حدود 3 في المائة، مقابل 3.5 في المائة، وشدد رئيس الحكومة في تلك المذكرة على التحكم في نفقات تسيير الإدارات العمومية، ومؤكدا على حصر مقترحات التوظيف في الضروري لضمان سير المرافق العمومية.
وفي الوقت الذي تسعى الحكومة إلي التحكم في كتلقة الأجور في الوظيفة العمومية التي وصلت إلى نحو 106 في العام الحالي، والعمل على إعادة انتشار الموظفين والتعاقد، يلاحظ الاقتصادي المغربي، محمد الرهج، أن الأجور في الوظيفة العمومية لم يتم إعادة النظر فيها منذ القرار الذي اتخذته حكومة عباس الفاسي بزيادة ستمائة درهم في سياق الربيع العربي.
وينتظر أن تعود الأجور في الوظيفة العمومية، كي تطفو على السطح من جديد، إذا ما ارتأت الحكومة الانخراط في حوار اجتماعي مع النقابات، التي كانت طالبت بذلك بمناسبة المفاوضات حول إصلاح التقاعد.
وإذا كانت الحكومة قد عبرت في تصريحات سابقة عن تطلعها إلى الإنفاق على الجانب الاجتماعي، فإن الرهج يرى، أنه في ظل عدم المضي في الإصلاح الجبائي بعيدا، ينتظر أن تسعى الحكومة إلى تعبئة موارد عبر تقليص نفقات الاستثمار، مادامت نفقات التسيير والدين غير قابلة للضغط عليها.
النمو: تراهن الحكومة على معدل نمو اقتصادي في حدود 3.2 في المائة، غير أن النمو في المغرب يبقى رهينا بالتساقطات المطرية، ما يجعله هشا لا يخلق ما يكفي من فرص العمل.
ويعتقد الاقتصادي إدريس الفينا، أنه يفترض في الحكومة أن توضح الرؤية للفاعلين الاقتصاديين في المغرب، من أجل الخروج من حالة عدم اليقين التي تسود حاليا، خاصة أن الحكومة لم تعط إشارات حول نواياها في مجال الاقتصاد، بسبب سعيها لتدبير الأزمة الناجمة عن حراك الريف.
الدعم: كانت الحكومة عبرت في برنامجها عن نيتها مواصلة تقليص نفقات الدعم، غير أن وزارة الشؤون العامة والحكامة دأبت على التأكيد على أن القرار مؤجل في انتظار إنجاز دراسة حول الفئات الفقيرة التي ستستحق المساعدة بعد رفع الدعم عن غاز الطهو.
ويتصور بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحقوق المستهلك، أن الحكومة لن تبادر إلى مواصلة سياستها الرامية إلى تحرير أسعار المنتجات التي تدعم عبر صندوق المقاصة، حتى لا يكون ذلك سببا في ردود أفعال رافضة في سياق الاحتقان الاجتماعي الحالي.
20 décembre 2023 - 20:00