صب الملك محمد السادس جام غضبه على سير الإدارة العمومية، وما تتسبب فيه من تعطيل للمشاريع ولمصالح المواطنين، وتعيق بالتالي تقدم المغرب.
وأوضح الملك في خطاب العرش الذي ألقاه قبل قليل، بأن من بين المشاكل التي تعيق تقدم المغرب، هو ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة، أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين.
وأعطى الملك مثالا في هذا الصدد بالمراكز الجهوية للاستثمار، حيث قال إنها "تعد، باستثناء مركز أو اثنين، مشكلة وعائقا أمام عملية الاستثمار، عوض أن تشكل آلية للتحفيز، ولحل مشاكل المستثمرين، على المستوى الجهوي، دون الحاجة للتنقل إلى الإدارة المركزية. وهو ما ينعكس سلبا على المناطق، التي تعاني من ضعف الاستثمار الخاص، وأحيانا من انعدامه، ومن تدني مردودية القطاع العام، مما يؤثر على ظروف عيش المواطنين".
وأضاف الملك في هذا الصدد بأن المناطق التي تفتقر لمعظم المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، ولفرص الشغل، تطرح صعوبات أكبر، وتحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود، لتدارك التأخير والخصاص، لإلحاقها بركب التنمية.
"ولوضع حد لهذا المشكل، فإن العامل والقائد، والمدير والموظف، والمسؤول الجماعي وغيرهم، مطالبون بالعمل، كأطر القطاع الخاص أو أكثر، وبروح المسؤولية وبطريقة تشرف الإدارة، وتعطي نتائج ملموسة، لأنهم مؤتمنون على مصالح الناس"، يقول العاهل المغربي.
وأردف في السياق ذاته قائلا: "فإذا كنا قد نجحنا في العديد من المخططات القطاعية، كالفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة، فإن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا، وتبقى دون طموحنا".
ولم يخف العاهل المغربي غضبه من غياب تأثيرات مباشرة للتقدم الذي يحققه المغرب في عدد من القطاعات الاقتصادية، على حياة المواطن المغربي البسيط، وذكر في هذا الباب بأنه على الرغم من أن "المغرب، والحمد لله، يتطور باستمرار. وهذا التقدم واضح وملموس، ويشهد به الجميع، في مختلف المجالات. ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها. فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا، وثقة كبار المستثمرين، كـ"بوينغ" و"رونو" و"بوجو" ، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم".
وأرجع الملك محمد السادس هذا الوضع إلى ضعف العمل المشترك، في الكثير من الميادين، وغياب البعد الوطني والإستراتيجي، والتنافر بدل التناسق والالتقائية، والتبخيس والتماطل، بدل المبادرة والعمل الملموس.
اللغة الصارمة التي ألقى بها الملك محمد السادس خطابه لم تغب أي لحظة في النص ليشير إلى أن مفارقات تظهر بين القطاع الخاص، الذي يتميز بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير، القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز، وبين القطاع العام، وخصوصا الإدارة العمومية، التي تعاني من ضعف الحكامة، ومن قلة المردودية.
"فالقطاع الخاص، يجلب أفضل الأطر المكونة في بلادنا والتي تساهم اليوم في تسيير أكبر الشركات الدولية بالمغرب، والمقاولات الصغرى والمتوسطة الوطنية"، يقول العاهل المغربي.
ويضيف في السياق نفسه: "أما الموظفون العموميون، فالعديد منهم لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم، ولا تحركهم دائما روح المسؤولية. بل إن منهم من يقضون سوى أوقات معدودة، داخل مقر العمل، ويفضلون الاكتفاء براتب شهري مضمون، على قلته، بدل الجد والاجتهاد والارتقاء الاجتماعي".
20 avril 2024 - 20:00
17 avril 2024 - 10:40