أبدى الإطار المغربي بادو الزاكي سعادته بالتتويج رفقة شباب بلوزداد بكأس الجزائر، وتحقيق إنجازات أخرى موازية، بيد أنه اعتبر الربح الأكبر يكمن في الحب والتقدير الذي أحاطه به الجزائريون طيلة مقامه هناك.
وكشف الزاكي، في هذا الحوار لموقع "مواطن"، عن السياق الذي جاء فيه تقديم طلبه بـ"فتح الحدود" بين المغرب والجزائر، للوزير الأول الجزائري، عبد المجيد تبون، ومدى الأسباب التي جعلته يفكر في ذلك، لحظة تسلمه ميدالية الفريق المتوج من يد المسؤول الجزائري.
من ناحية أخرى، لم يخف الزاكي إبداء رهانه على التتويج رفقة اتحاد طنجة بأحد الألقاب، خلال الموسمين المقبلين، المتضمنين للعقد المبرم بين الطرفين، فضلا عن حديثه بخصوص الإقالة غير المبررة، التي كان تعرض لها من منصبه مدربا للمنتخب الوطني المغربي.
في البداية، السيد بادو الزاكي، ما هو تعليقك حول تتويجك بلقب كأس الجزائر رفقة فريق شباب بلوزداد؟
التتويج بكأس الجزائر كان لقبا مستحقا بكل المقاييس، بحكم المجهود المبذول من طرف اللاعبين، حيث تمكنا من فرض أسلوبنا وطريقة لعبنا على أرضية الميدان، رغم قوة الفريق المنافس، وفاق سطيف، المتوج بلقب البطولة، وقد بحثنا عن تحقيق الفوز منذ بداية المباراة النهائية، وكان بإمكاننا الفوز خلال الوقت الأصلي للمقابلة، لولا افتقاد لاعبينا اللمسة الأخيرة أمام المرمى في أكثر من مناسبة، لكن المهم أنه تم إنصافنا في الشوط الثاني من الوقت الإضافي، وتمكنا من إهداء أنصار شباب بلوزداد الأوفياء الكأس السابعة في تاريخ هذا النادي العريق.
وأشكر الله على توفيقه لي بتحقيق هذا اللقب الذي هو بمثابة ثمرة جهود جبارة وتضحيات كبيرة طيلة الموسم من طرف كل مكونات النادي البلوزدادي العريق، والذي يحمل اسم الشهيد محمد بلوزداد، المحبوب كثيرا لدى الجزائريين، وهو الذي كان يسمى في وقت سابق باسم شباب بلكور، ويتمتع بقاعدة جماهيرية عريضة، وأكيد أنها كانت تتوق لهذا اللقب، الذي أهديه إياهم، مثلما أهديه للمدربين المغاربة، باعتبار أني كنت سفيرا لهم بالجزائر.
ماذا يعني لك لقب الكأس في ظل تمكنك من تحقيق أكثر من الأهداف المتفق عليها مع مسؤولي بلوزداد، من رهان إنقاذ الفريق من النزول، وضمان مشاركة له في كأس الكاف، أيضا؟
بالفعل، فجميع مكونات الفريق تعترف بهذه الإنجازات، بداية من إنقاذ الفريق من نزول كان يهدده كثيرا، مرورا بالوصول إلى المباراة النهاية لكأس الجزائر، والتتويج بلقب الكأس، وأيضا المشاركة في كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وكذلك كأس السوبر المحلي الذي يجمع بين بطل الدوري الجزائري والمتوج بكأس الجمهورية. ثم لا بد أن نعرف أن كأس الجزائر يعد لقبا مهما بالجزائر، ويكفي القول إن كل الأندية تفضل الفوز به على لقب الدوري الجزائري، بل إن المشاركة في نهاية الكأس تعتبر إنجازا، بالإضافة إلى ذلك، فإن منحة الكأس تصل إلى ما يعادل مليار ونصف مليار سنتيم.
كما أود أن أقول إن ما قمت به من عمل في العمق، وما حققته رفقة الفريق، لم يكن أحد ينتظره على الإطلاق، فعندما توليت المهمة وجدت الفريق في الصف قبل الأخير، وفي وضعية كارثية على جميع المستويات، حيث طلب مني وقتذاك العمل على إنقاذ الفريق من النزول، وهو ما حققناه على بعد أربع دورات، واحتللنا في نهاية البطولة المركز السادس، ولو توفرت لنا خمس مباريات أخرى، لكنا أنهينا الدوري في الرتبة الثانية وراء البطل وفاق سطيف، باعتبار النتائج الإيجابية المسترسلة التي حصلنا عليها، طيلة شطر الإياب، علما أن تولي مهمة تدريب شباب بلوزداد تزامنت مع تبقي أربع دورات من شطر الذهاب، وفي وقت لم يكن أحد قادرا على المغامرة بالإشراف على تدريب الفريق، ومع ذلك توكلت على الله، وعزمت على أخذ التجربة التي توفقت فيها، بمساعدة اللاعبين وجمهور النادي.
نريد أن تحدثنا عن طلبك للوزير الأول الجزائري بـ"فتح الحدود" بين المغرب والجزائر، أثناء تسلمك من يده ميدالية فريقك المتوج؟
أولا، وكما يعلم الجميع، أنا لست سياسيا، وليس لدي حزب سياسي، إنما طلبي المتعلق بفتح الحدود بين البلدين الشقيقين لم تكن وراءه أي خلفية أو نظرة بعيدة لهدف معين، بقدر ما جاء نابعا من "القلب نتاعي"، وفق ما أملته علي الغيرة، وما استنتجته من خلال الفترة التي قضيتها بالجزائر مدربا لشباب بلوزداد، لهذه السنة، ولمست عن قرب كيف يتعامل الناس، وطلبي جاء بمثابة نقل لأحاسيس الجزائريين، كما المغاربة".
لكن، ماذا دار بالضبط بينك وبين الوزير الأول الجزائري عبد المجيد تبون؟
كل ما هنالك أنه أثناء عملية البروتوكول التقديمي الخاص بالمباراة النهائية، كما هي العادة، تحدث معي المسؤول الجزائري، وأسهب في شكري على ما قدمته من عطاء لفريق شباب بلوزداد، ومن خلاله للكرة الجزائرية، ورحب بي بقوله إني بين إخواني في الجزائر، كما حدثني عن المعاملة التي تربطني بالجزائريين، وأشاد بالأصداء الطيبة التي تجمعني بالمسيرين والجماهير بالجزائر .
وخلال مراسيم التتويج، أثنى علي وعلى الفريق، وقال لي بأن الفوز بالكأس كان مستحقا، وفي خضم تبادل الحديث معه، استغللت الفرصة، وناشدته عبر تقديم هذا الطلب؛ حيث قلت له بالحرف: "السيد الوزير، أنا لست سياسيا، ولا أفهم في السياسة، لكني أطالبكم بفتح الحدود بين المغرب والجزائر".
وكيف جاء رده تحديدا على مطلبك هذا؟
قال لي بالحرف، مبتسما: "يكون خير، يكون خير"
هل الفكرة كانت جاهزة لديك، أم أنها جاءت بطريقة تلقائية في تلك اللحظة؟
الواقع أن فكرة هذا الطلب جاءتني بشكل تلقائي، في تلك اللحظة المتزامنة مع تسلمي لميدالية التتويج، وأنا في حديث مع المسؤول الجزائري، لكنها ربما كانت مختمرة لدي بشعور أو لاشعور، بحكم أنها، وكما قلت لك، كانت نابعة من القلب، مثلما هي وليدة إحساس بمعاناة المغاربة والجزائريين، جراء إغلاق الحدود.
وهنا أود أن أقول إنني شخصيا وقفت عن قرب خلال رحلاتي الجوية عبر الطائرة، سواء من المغرب إلى الجزائر، أو العكس، عن مدى المعاناة لدى المسافرين من هذا البلد أو ذاك، فمثلا نجد أن المسافر المتوجه من الجزائر صوب المغرب مفروض عليه النزول بالدار البيضاء، ومنهم من يأخذ رحلة طويلة نحو مدينة وجدة، مثلا، وما يعنيه ذلك من متاعب، فلو كانت الحدود البرية مفتوحة لسهل الأمر، وقصرت المسافة، وينطبق نفس الشيء بالنسبة إلى المسافرين المتوجهين من المغرب في اتجاه الجزائر.
ألا ترى أن ما حققته من إنجازات صحبة شباب بلوزداد الجزائري قد يزيد الضغط عليك لقيادة اتحاد طنجة، المتعاقد معك، نحو بوديوم التتويج؟
ليس دائما بالضرورة، لكني أجد نفسي سعيدا بالتعاقد مع اتحاد طنجة، والإشراف على تدريب فريق من قيمته، وما يتميز به مسيروه من تطلع نحو مراتب عليا، وما يتمتع به الفريق، أيضا، من قاعدة جماهيرية كبيرة تستحق نتائج جيدة وفق طموحاتها المشروعة، كما أن الهدف الذي جئت من أجله للفريق يكمن في تكوين فريق قوي وتنافسي، وجعل النادي الطنجي ينافس الأندية الكبرى على المراتب الأولى، ولم لا التتويج بأحد الألقاب.
هل يمكن اعتبار ذلك رهانا تعد به الجمهور الطنجاوي؟
أعتقد أن ظروف العمل تبدو مواتية داخل فريق اتحاد طنجة، وتشجع على تحقيق الأهداف المسطرة مع مسؤولي الفريق، وإمكانية بلوغ منصة التتويج في ظرف الموسمين المتضمنين للعقد الذي يربطني بالفريق، خاصة أن جمهور النادي معروف بمؤازرته وتشجيعاته، وأتمنى أن يكون الحضور الجماهيري كبيرا في المباريات، خاصة أني معتاد على مزاولة كرة القدم تحت الضغط، منذ كنت لاعبا، في السابق، وكوني الآن مدربا، لأن ذلك يساعد على إعطاء شحنة إضافية للفريق، ويدفع اللاعبين والطاقم التقني إلى العطاء أكثر.
من خلال بعض تصريحاتك عقب تتويجك بكأس الجزائر، يبدو أنك ما تزال لم تهضم إقالتك من المنتخب الوطني المغربي، هل لأنها لم تكن تستند على مبررات مقنعة، أم أن ثمة سببا آخر؟
أفضل عدم العودة إلى الوراء، وكل ما أود أن أقوله إني أجهل حتى الآن الأسباب الحقيقية وراء إقالتي من تدريب المنتخب الوطني، ولم يكن هناك داع مقنع لذلك، بدليل أنني تركت المنتخب وفي رصيده 6 نقاط، وهو مؤهل لدور المجموعات، وأنا دائما رهن الإشارة لخدمة بلدي، والحمد لله فقد أنصفني سبحانه وتعالى، عند قدومي مدربا لشباب بلوزداد، رغم صعوبة ظروف العمل، إنما آمنت بالمشروع، وركبت التحدي، و"جاب الله التيسير"، وأظهرنا أننا ثاني أفضل فريق في الجزائر بعد وفاق سطيف في هذا الموسم، وهنا لا بد أن أتوجه إلى كل مكونات النادي، من إدارة مسيرة ولاعبين وجمهور، على حفاوة الاستقبال وحسن التعامل، طيلة الفترة التي تواجدت فيها بالجزائر.
على ذكر التعامل الجيد الذي حظيت به من طرف الجمهور، هل يمكن أن تحدثنا حول الأجواء الذي رافقتك هناك، ومدى علاقتك بالناس خلال مقامك بالجزائر؟
أعتقد أن الربح الكبير الذي كسبته من هذه الفترة التي قضيتها بالجزائر، هو حب الجزائريين، أكثر من التتويج بالكأس أو غيره من الإنجازات، وأشكر كل الجزائريين على الحب والتقدير والاحترام الذي أحاطوني به، طيلة تواجدي بالجزائر، وليس جمهور شباب بلوزداد لوحده، بل جماهير كل الفرق التي كنت أواجهها. ومنذ أن وضعت قدمي بالجزائر، لقيت الاحترام من الجميع، وبصراحة، "واخا نظل نوصف لك التعامل اللي دايرين معايا الناس في الجزائر، لا يمكن تصور ذلك.. خاص الواحد يكون حاضر ويشوف عن قرب"، والحمد أنني أحظى بالاحترام أيضا من طرف الجمهور في بلدي المغرب، مثلما كنت محل تقدير كلاعب بمايوركا.
وبخصوص الجزائر، يكفي أن أقول إنني وأينما حللت بمدينة، أو بفندق، أو بملعب ما، إلا وأجد الناس والجماهير تحتضنني، وكنت أحظى بتكريمات سواء بوهران، أو بالعاصمة، وغيرهما، إلى درجة أننا عندما لعبنا ضد مولودية وهران، وفزنا عليه، ورغم أن مباراة المولودية وبلوزداد، بمثابة مباراة بين الوداد والرجاء، وما تشهده من ندية وتنافس، فقد قال لي أحد محبي المولودية "فرحت لك زاكي، رغم فوزك على فريقي، وقبلت الخسارة من أجل لأني معجب بك"، أما جماهير وبلدية بلوزداد، فحدث ولا حرج، والجميع يعرف تعاملهم معي، فقد كانوا يحتفلون بي، في كل مكان، سواء الملعب أو خارجه،، وحتى اليوم الأخير، كان الوداع مؤثرا، وتخلله ذرف الدموع، عندما رافقوني، يوم الجمعة موعد عودتي إلى المغرب، في موكب احتفالي صاخب، مرفوقا بقنوات وكاميرات ولافتات وشعارات، وغيرها، لقد كان منظرا مؤثرا بالفعل.
05 août 2022 - 10:00