العلاقات على غير ما يرام بين وزارة الاتصال المغربية و القناة الفرنسية "فرانس24"، فهذه الأخيرة لم تتمكن من تصوير حلقة "حديث العواصم"، الذي يقدمه جمال بدومة، الجمعة الماضي من الرباط، كما اتصلت وزارة الاتصال بشركة الإنتاج التي توفر الخدمات التقنية للقناة الفرنسية، لإخبارها، أولا، بأنه غير مسموح لها بتصوير البرنامج بدون ترخيص، وثانيا، بضرورة وقف مراسل القناة باللغة العربية من الظهور على القناة مادام لايتوفر على الاعتماد.
وفي اتصال بجمال بدومة، رئيس تحرير بقناة "فرانس24" ومعد ومقدم برنامج "حديث العواصم"، قال، لـ"مواطن"، إن "هناك تصعيد, فالوزارة، في شخص مدير الاتصال عبد الإله تهاني، تعتبرنا قناة متحيزة". وأضاف أن القناة "ممنوعة في الجزائر لأنهم يعتبرونها "قناة مخزنية" (مقربة من المغرب) وهاهم الآن يسير على خطاها بمنعها في المغرب". وأكد بدومة أن تهاني اتصل بالمُراسل (أنس رضوان) وشركة الإنتاج التي تقدم الخدمات التقنية للقناة وأخبر مسؤوليها بأن القناة ممنوعة وحتى "الاتصالات المباشرة" (اللايفات) غير مسموح ببثها من الرباط.
وأوضح أن "هذا بدأ منذ الجمعة الماضي (9 يونيو)؛ حيث كان من المفترض أن يتم تصوير حلقة من برنامج "حديث العواصم"، والتي كانت ستستضيف صلاح الوديع، محمد أحداد ونعيمة الگلاف". وأنه تم إخباره بأنه يمنع التصوير وإذا تم فقد يبعثون لهم بالشرطة.. وقال إنه "لم يتم التصوير وبعد ذلك تم الاتصال والإخبار بالمنع" موضحا أنه خاطب المسؤول بقوله "راكم غالطين لأنكم إذا منعتم هذا النقاش، الذي يشارك فيه الوديع، فهو منع لنقاش مسؤول كما يجري في القنوات المغربية الأخرى، وقلت لهم أنتم تقدمون هدية لمن يستهدفون المغرب، بمنعكم لنا نحن الذين نقدم تغطية موضوعية ولدينا الغيرة على البلاد أكثر منكم، وهذا النقاش يمكن أن يساعد في التأطير، وليس التأجيج، في وقت يستعد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون لزيارة المغرب، والقناة عمومية يمولها الملزمون بالضرائب الفرنسيون.. ونحن لا نتوفر على أي منع مكتوب، فقط يتعلق الأمر بقرار شفوي"...
من جهته، صرح عبد الإله تهاني، مدير الاتصال في وزارة الاتصال، لـ"مواطن"، أن خبر المنع "غير دقيق وغير ملم بكل عناصر الموضوع". وقال "لدينا 100 صحافي معتمد، نصفهم أجانب ونصفهم مغاربة، لفائدة وسائل الإعلام الأجنبية، و165 جريدة يومية عالمية تدخل المغرب و150 أسبوعية.. فلماذا سيضيق صدرنا على "فرانس24"؟"، موضحا أن القناة "هي التي وجهت خطها التحريري نحو الإثارة، وجعلته غير متوازن وغير منصف وغير مهني ومتحامل"، وتساءل "لماذا لا تتحامل الجزائر على هذه القناة التي تمنعها، هل أنجزوا برامج خاصة لمواكبة الحراك الذي تشهده بعض المدن الجزائرية؟".
وعن حيتيات ما وقع يحكي تهاني "كل ما في الأمر أننا فوجئنا بفريق لـ"فرانس24 " كان يستعد لتصوير حلقة من "حديث العواصم" حول موضوع الحسيمة في ما يشبه السرية، دون إخبار الوزارة وطلب الحصول على رخصة للتصوير وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وطبقا للقواعد المعروفة في اعتماد الصحافة الدولية للعمل فوق التراب الوطني للمملكة المغربية". وأوضح أن "جمال بدومة هو رئيس تحرير غير مقيم في المغرب ويشتغل في الإدارة المركزية للتحرير وبالتالي أي تنقل لأي فريق صحفي من خارج المغرب يتعين الإخبار به وبالموضوع الذي سيصوره، حتى يتأتى للوزارة إعطاء التوجيهات للمركز السينمائي المغربي لاستصدار تراخيص التصوير. إذن تلزم البرنامج رخصة للتصوير والبث مباشرة من المغرب. وهم يعلمون كل هذا وهذا هو الاصطدام الثاني مع بدومة وأتساءل: لماذا إدارة "فرانس 24" بالعربية قررت التصوير بكيفية سرية؟". وزاد المسؤول في وزارة الاتصال "ولما وصل إلى علمنا هذا الأمر، أبلغنا الشركة المنفذة للإنتاج التي كانت ستوفر هذه الخدمات (أتلايا كونسولتينغ ميديا) بأن هذا التصرف غير قانوني وأنها مسؤولة إذا واصلت الاستعدادات لتصوير هذا البرنامج بدون رخصة وأنها تتحمل تبعات ذلك، خاصة أننا لم نتوصل بأي طلب من "فرانس24" مباشرة حتى نتعامل معها. وفي اليوم الموالي زارني جمال بدومة في مكتبي حوالي الساعة الثانية عشرة، ودامت الزيارة حوالي ساعة ونصف وأبلغته مؤاخذاتي حول الخط التحريري للقناة وكيف أنه غير منصف للمغرب وغير متوازن وهناك تأثير للجزائر... وسألني عن الحل فقلت له إنه يصعب بعد أن خرقت القناة القانون للمرة الثانية وأن تصوروا على الساعة الرابعة والآن الساعة الثانية.. وطلب تقديم الطلب على الأقل وفعلا فاجأني بالاتصال بالإدارة وبعثت له الطلب، لكن كان الوقت لايسمح لأن الإدارة في المركز السينمائي كانت قد أنهت عملها ثم لا يمكننا أن نكافئ من خرق القانون ولم يقدم طلبا إلا بعد أن تم إحباط محاولة التصوير بشكل سري". وأكد مدير الاتصال بأنه "لا يمكن أن نتعامل مع أطراف لديها سوء النية، خاصة أنه يقدم الطلب في الثانية ويريد التصوير على الساعة الرابعة! مع العلم أن موقع المركز السينمائي يخبر أن رخص التصوير تعالج في فترة 21 يوما على الأكثر... ولكن هذا لا يعني أن القناة ممنوعة إلى الأبد، فقط لم نمنح رخصة لتصوير الحلقة وبثها"، وأوضح أن "القرار لوزارة الاتصال المدعوم من طرف القطاعات الحكومية المعنية".
من جهة ثانية، كشف تهاني أن ""فرانس24" تتوفر على صحافي فرنسي معتمد (جون ماري لومير) وهو مستمر في عمله بكيفية طبيعية (يتوفر على بطاقة اعتماد وشهادة اعتماد ورخصة تصوير صالحة على امتداد التراب الوطني، وإلى الآن، ولم يتم اتخاذ أي إجراء إداري في حقه)، وبالنسبة إلى الصحافي باللغة العربية (أنس رضوان)، فإن طلب اعتماده من طرف القناة مازال قيد الدراسة، ورغم ذلك مازال يظهر على القناة بشكل غير قانوني، وهو يعمل أصلا لصالح شركة الإنتاج "أتلايا كونسولتينغ ميديا" التي تؤدي له أجرته، لذلك تم الاتصال بهذه الشركة لوقف الصحافي المعني من الظهور على القناة مادام لم يتوصل بالاعتماد القانوني"، معلنا أن "الوزارة ستبلغ القناة بملابسات الملف".
وحول ما إذا كان ما وقع قد يؤثر على صورة المغرب، رد المسؤول "إننا نعاني من وجود تأثير جزائري في "فرانس 24" (أكثر من 20 رئيس تحرير من الجزائر) ومن لوبي معاد للمصالح المغربية وماوقع في السنتين الأخيرتين يوضح ذلك، وخطها ليس فقط غير منصف وغير متوازن وغير مهني، بل فيه تحامل كبير، ولا تعامل الدول الأخرى بنفس ما تعامل به المغرب" وأعطى مثال يوم الأحد حيث "تم تمرير نشرة كل عشر دقائق تتضمن تغطية مظاهرة الرباط، وتكرر الأمر على الأقل 30 مرة، وفيها رأي واحد اتهم المغرب بالإرهاب في الريف..."، ليخلص إلى أن "هناك لحظات معينة ترد فيها الدول بقرارات وتوصل رسائل لمن يعنيه الأمر".
26 mars 2024 - 11:00