موسى متروف
بغض النظر عن الأسباب التي حالت دون حضور الملك محمد السادس عن القمة الأمريكية الإسلامية التي احتضنتها العاصمة السعودية الرياض أمس الأحد، فإن ذلك كان أفضل من حضور في قمة حضرها الرئيس الأمريكي فقط ليوجه خطاباً لقادة المسلمين، خصوصاً السُنة منهم.
فبعد أن ضمن ترامب في القمة الأمريكية السعودية صفقات بحوالي 400 مليار دولار، من بينها 110 ملايير دولار لمبيعات الأسلحة والعتاد الحربي، كانت القمة الخليجية الأمريكية ليُسمع قادتها أن أمريكا لن تحارب الإرهاب نيابة عنهم. وطبعاً عاد ليكرر ذلك في القمة الأمريكية الإسلامية، ضمن أشياء أهم وأخطر تتعلق بالنظرة الأمريكية "المتعالية"، والتي بدأت مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وإن "خفّف" لهجته قليلاً.
ما يُفترض أن يهمّ المغرب، الذي مثله وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، في القمة هو نظرة ترامب إلى الإسلام والمسلمين، ومقاربة محاربة الإرهاب والتطرف الديني، والموقف من القضية الفلسطينية، وخصوصاً مدينة القدس.
لقد أراد ترامب أن يعطي الانطباع بأنه لا يقدم "دروساً" للقادة المسلمين، بل فقط اعتماداً على "دروس الخبرة"، التي يجب الاسترشاد بها عندما قال مثلاً: "إن أصدقائنا لن يشككوا أبداً في دعمنا، ولن يشك أعداؤنا أبداً في عزمنا. إن شراكاتنا ستعزز الأمن من خلال الاستقرار، وليس من خلال الاضطراب الجذري. وسنتخذ قراراتنا على أساس النتائج في العالم الحقيقي – وليس بناءً على إيديولوجيا غير مرنة. سنسترشد بدروس الخبرة، ولن ننحصر ضمن حدود التفكير المتزمت. وسنسعى، حيثما أمكن، إلى إجراء إصلاحات تدريجية - وليس التدخل المفاجئ".
وطبعاً حاول الرئيس الأمريكي، في هذا السياق، أن يخفف من لهجته التي كان يربط فيها التطرف بالإسلام، من خلال توضيحات من قبيل أن "أن أكثر من 95 في المائة من ضحايا الإرهاب من المسلمين".
وبين هذه النظرة ومقاربة محاربة الإرهاب، يبدو أن المغرب لم يكن محتاجاً إلى الخبرة الأمريكية أو دعوة رئيسها إلى "طرد" الإرهابيين عندما قال "المستقبل الأفضل سيكون محتملاً فقط في حال طردت أممكم الإرهابيين والمتطرفين. اطردوهم من أماكن العبادة. أخرجوهم من مجتمعاتكم وأراضيكم المقدسة. اطردوهم من الأرض". فللمملكة التي يرأسها أمير المؤمنين مقاربتها الخاصة، في إطار المذهب المالكي، وفي إطار خصوصية المملكة لقرون مضت، وفي إطار خبرة تمت مراكمتها منذ الأحداث الإرهابية التي ضربت العاصمة الاقتصادية للمملكة في 2003، تحت عنوان عريض هو "إعادة هيكلة الحقل الديني".
وإذا كانت هذه الجوانب "منتظرة" من خطاب ترامب، فما لم يكن متوقعا من جانبه إشارته إلى القدس عندما تحدث عن "أقدس الأماكن في الأديان الإبراهيمية الثلاثة"، ووضعها إلى جانب بيت لحم والفاتيكان، كأن قداسة القدس خاصة بالديانة اليهودية.
وهذا ما كان من شأنه أن يثير حساسية في وجود الملك محمد السادس أيضا باعتباره رئيس لجنة القدس.
20 avril 2024 - 20:00
17 avril 2024 - 10:40