خرجت أحزاب الأغلبية الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية بتصريحات منتقدة للاحتجاجات التي تعرفها مدينة الحسيمة منذ 7 أشهر، جاء ذلك خلال اجتماع عقد أمس الأحد، وجه فيه مسؤولو الأحزاب اتهامات للمحتجين وبكونهم “مسخرين من الخارج”.
الاجتماع ترأسه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وحضر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، رفقة رشيد الطالبي العلمي عن التجمع الوطني للأحرار، والسعيد أمسكان عن الحركة الشعبية، وادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومحمد ساجد الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، وخالد الناصري عن التقدم والاشتراكية.
هذه التصريحات نقلت على القناة الأولى العمومية، أشار فيه مسؤولو الأحزاب أن “أن المغرب لايمكنه أن يتسامح مع المس بالتوابث والمقدسات الوطنية من خلال الركوب على مطالب اجتماعية لسكان إقليم الحسيمة بشكل يمس بالوحدة الترابية ويروج لأفكار هدامة تخلق الفتنة في المنطقة”.
لكن هذه التصريحات التي جاءت بعد سبعة أشهر من الاحتجاجات لقيت انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر نشطاء أن الحديث عن "زرع الفتنة والدعم الخارجي هو منطق سبق أن تم التعامل به مع احتجاجات 20 فبراير".
وأضافت أحزاب الأغلبية أن “الاحتجاجات الاجتماعية يجب أن تكون في إطار القانون مع عدم الإضرار بالمصالح العامة والخاصة والممتلكات العمومية والخصوصية، وكذلك الحذر من أي علاقات بالخارج والدعم الذي يقدمه، مؤكدة أن "هذه أمور لا يمكن للمغرب أن يتسامح معها".
وقال سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية إن “المطالب الاجتماعية للساكنة لابد من تلبيتها والاهتمام بها وليس فقط في إقليم الحسيمة وإنما أيضا في مختلف الأقاليم أو الجهات التي شهدت تأخر في الأوراش التنموية لأسباب متعددة”
وأبرز العثماني أن التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية يجب أن يكون في إطار القانون، مؤكداً أن الحكومة ستحاول ما أمكن تسريع أوراش البرنامج الذي أشرف على إطلاقه الملك محمد السادس والذي يحمل اسم "الحسيمة، منارة المتوسط".
تصريح رشيد الطالبي العلمي أثار الكثير من ردود الفعل لدى نشطاء الاحتجاجات بالحسيمة، حيث أشار بالقول إلى "بعض الانحرافات قادتها مجموعة مسخرة من الخارج لم يفلح معها الحوار"، وأضاف أن "كل العناصر تتبث بأن أفراد هذه المجموعة منخرطين في مسلسل التمويل من الخارج من قبل خصوم الوحدة الترابية".
كما تحدث الطالبي العلمي عن “أشخاص يقومون بتخريب الممتلكات العامة والترويج لأفكار هدامة الغرض منها خلق الفتنة في المنطقة".
وأكد سعيد أمسكان عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية أن الحزب "بقدر ما هو مع المطالبة بكل حق مشروع من طرف المواطنين بقدر ما يرفض ويدين كل ما من شأنه أن يمس بالتوابث والمقدسات أو بتماسك الأمة ووحدة الوطن"، مضيفا أن هذا موقف جميع المغاربة بدون استثناء.
وتشهد الحسيمة احتجاجات بشكل أسبوعي، منذ أكثر من ستة أشهر، بعد مقتل بائع السمك محسن فكري داخل شاحنة لجمع النفايات، وقد بات للاحتجاجات في تلك المنطقة اليوم اسم “الحراك الشعبي” بمنطقة الريف.
وكان فكري (30 سنة) قتل في أكتوبر 2016 في الحسيمة عندما علق في مطحنة شاحنة لنقل النفايات بينما كان يحاول على ما يبدو إنقاذ بضاعة له صادرتها الشرطة، من سمك “ابو سيف” المحظور صيده في المغرب في تلك الفترة من السنة.
هذا اللقاء لقي نقاشاً واسعاً على صفحات التواصل الاجتماعي من طرف المغاربة، كما ناقشه أيضاً سياسيون من المعارضة، من الأصالة والمعاصرة والاستقلال، حيث أشاروا إلى أن الوضع في الحسيمة كان يجب أن موضوع عرض في المجلس الحكومي، وليس في لقاء أحزاب الأغلبية وبحضور وزير الداخلية.
وعوض أن يتم الاجتماع في الرباط بين مسؤولين حكوميين بصفاتهم الحزبية، ألم حرياً أن يعقد في الحسيمة وينظر في مطالب المحتجين، عوض لغة التخوين التي ستزيد من موجة الاحتجاجات لا محالة.
في الأسابيع الماضية، سأل صحافي جزائري ممثل المغرب في الأمم المتحدة حول الوضع في الحسيمة، وأجاب عمر هلال قائلاً: "الناس يحتجون بشكل عادي، وليس لدينا أي حالات قتلى"، في إشارة خفية منه إلى ما حدث في غرداية الجزائرية قبل سنوات من أحداث عنف انتهت بقتلى وجرحى.
تعامل الحكومة مع هذه الاحتجاجات يجب أن يكون بالإنصات والنظر في الملف المطلبي الذي يحتج من أجله سكان منذ سبعة أشهر، كما أن على رئيس الحكومة أن يجيب على ما يثيره أبناء الحسيمة من تأخر لمشاريع ضخمة تم تدشينها قبل سنوات.
17 avril 2024 - 10:40